قانون العزل السياسي أو تحصين الثورة في تونس قد يدخل البلاد في فوضى




هواء طلق

قانون العزل السياسي أو تحصين الثورة في تونس قد يدخل البلاد في فوضى

*بقلم محمود الحرشاني


كاتب ومحلل سياسي من تونس


صورة



بتمرير قانون تحصين الثورة أو العزل السياسي إلى المجلس التأسيس وهو مشروع قانون تقف وراءه حركة النهضة وحلفاؤها وخاصّة حزبي المؤتمر من أجل الجهورية والتكتّل وحركة  وفاء، دخلت الحياة السياسية في تونس في منعرج جديد ذلك أنّ هذا القانون إذا ما تمّت المصادقة عليه سيقصي حوالي 60 ألف تونسي في المشاركة في الحياة السياسية ويحرمهم من خدمة بلادهم  بتعلّة مشاركتهم في منظومة العهد السابق وتحمّلهم لوظائف سامية في الدولة.

ويلاقي هذا القانون معارضة شديدة من قبل عديد الأحزاب السياسية والشخصيات الحقوقية، وفي مقدّمة المعارضين لهذا القانون حزب نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي والجبهة الشعبية والحزب الجمهوري والأحزاب الدستورية أو ذات الخلفية الدستورية ... إن المصادقة على هذا القانون حسب ما يتوقّعه المحللّون السياسيون ورجال القانون الدستوري، ستكون له انعكاسات خطيرة على الاستقرار السياسي والأمني في البلاد و تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني الّذي يمرّ اليوم بأصعب فترة في تاريخه. ومع ذلك نجد حزب حركة النهضة وحليفيه  من أحزاب الترويكا الحاكمة متمسّكين بهذا القانون الغريب المنحى ألاستئصالي  التوجه قصد إلغاء الخصوم والمنافسين والانفراد بالساحة السياسية وغلق الطريق أمامهم قبيل الانتخابات القادمة إذا ما تقرّر أن تقع.

ومن المفارقات إن رئيس الجمهورية المؤقّت بنفسه يعارض هذا القانون، حيث قال في أخر حديث صحفي له مع أستاذ القانون الدستوري عياض بن عاشور، إن قانون تحصين الثورة أصبح بلا معنى... وربّما يكون قد فقد قيمته الآن وكان من الأجدر تمريره في الاشهر الأولى التي عقبت الثورة... أمّا اليوم بعد مرور سنتين ونصف، فلم تعد لهذا القانون أي معنى ... وهو بذلك يخالف رأي حزبه المؤتمر من اجل الجمهورية الّذي نجده أكبر المتحمسين لتمرير هذا القانون ...... إن المدافعين عن هذا القانون يدافعون في الواقع عن مصالحهم  الضييفة والشخصية ويريدون إلغاء المنافس بكلّ الوسائل الممكنة للانفراد بالساحة السياسية...

وكان من الأجدر تمرير قانون العدالة الانتقالية الّذي تقدّمت به الحكومة منذ أكثر من ثمانية أشهر ولا يزال نائما في رفوف المجلس التأسيس، رغم أنّ المشاريع التي تتقدّم بها الحكومة تحظى بأولية النّظر في ضبط رزنامة أنشطة المجلس التأسيس...ولكن يبدو أن المصلحة الشخصية حتّمت التعجيل بتمرير مشروع قانون تحصين الثورة على قانون العدالة الانتقالية وفي صورة المصادقة على هذا القانون فانّ عديد الأسماء السياسة البارزة والتي تترأس أحزابا سياسية، سبق لها المشاركة في انتخابات المجلس التأسيس ستجد نفسها مقصاة بهذا القانون وبالتالي مجبرة على التخلّي عن قيادة أحزابها مثل كمال مرجان رئيس حزب المبادرة و ومحمد جغام رئيس حزب الوطن والباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس...  وعديد الشخصيات الوطنية الأخرى، وذلك أن قائمة المتولّين بقانون العزل السياسي تبدأ من رئيس الجمهورية السابق وصولا الى رئيس شعبة مرورا بالوزراء والولاّة والمعتمدين وأعضاء اللجنة المركزية وأعضاء  الديوان السياسي وأعضاء منظّمات الشباب والدواوين لوزارية ورؤساء البلديات وأعضاء مجلس النوّاب وانتهاء حتى بمن ناشد الرئيس بن علي لانتخابات 2014 رغم أنّ المئات من الدين أدرجت أسمائهم في  قوائم المناشدين لم يكونوا على علم بذلك وفوجؤوا بنشر أسمائهم في قائمات كانت نشرها الصحافة ولكن لم نكن لهم الشجاعة للاعتراض.



أمام تمسّك صقور النّهضة وجماعة المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتّل ومن يسير في فلكهم وخصوصا جماعة التيار الديمقراطي الدي ولد مند اقل من شهر وهو يهتف بقانون تحصين الثورة  بضرورة تمرير هذا القانون والمصادقة عليه، وهو ما لا تجيزه الشرائع القانونية والدستورية في العالم لأنّه لا حقّ للمجلس التأسيس في اتّخاذ قرار مصيري كهذا يحرم التونسيين من حقّهم في الممارسة السياسية وخدمة بلادهم تتعالى عديد الأصوات الحرّة للوقوف ضد هذا القانون ورفضه ومنع المصادقة عليه وتبدو مسؤولية المثقّفين الإعلاميين وقادة الري في هذه كبيرة لفضح أطماع المتمسّكين بالقانون وربتهم في التشفي والانتقام والانفراد بالساحة السياسة والدعوة إلى عدم تمرير هذا القانون والتنبيه إلى أخطاره وخصوصا ما يتصّل منها بتقسيم الشعب التونسي وزرع بدور الفتنة وربّما إشعال نار الحرب الأهلية في البلد حتّى يعود هؤلاء إلى رشدهم ويدركون أن مصلحة البلاد فوق مصالحهم الشخصية الضيّقة والمحدودة وفوق أطماعهم السياسية المفضوحة.  
............................................


كاتب وممحلل سياسي من تونس..
. رئيس تحرير جريدة وراديو قمر نيوز     

comments

أحدث أقدم