تحقيقات قمر تونس الطلبة الأفارقة و العرب في تونس, واقع و آمال.//تحقيق وتصوير عزة مباركي




تحقيقات قمر تونس




الطلبة الأفارقة و العرب في تونس, واقع و آمال.

تحقيق من تحرير وتصوير عزة مباركي




كانت و لا تزال تونس قِبلة للعرب و الأفارقة لتحصيل العلم و لنيل أعلى مراتبه منذ القِدم. و يزداد عدد طلاب العلم من موسم دراسي لآخر. لتحتضنهم أكثر من 172 مؤسسة تعليم عالي و بحث تحت إشراف وزارة التعليم العالي و البحث العلمي من جملة 303 مؤسسة تعليم عالي متواجدة بالدولة التونسية ( حسب مؤشرات إحصائية لموسم 2025_ 2016) موزعين على كافة كلياتها و بخاصة منها المهتمة بالشعب العلمية.

تهتم مجلة السمراء في هذا التحقيق بالطلبة الأفارقة و العرب المتواجدين بمدينة المنستير الساحلية و هي التي عُرفت بالمدينة الجامعية نظرا لعدد الجامعات و الكلياتبها و لمدى استقطابها للطلبة بصفة عامة, كما يوجد بها قطب علمي و قصرا للعلوم.






أولى المصافحات كانت مع الطالب الفلسطيني أحمد البسوس الذي قدم من مدينة الخليل من الضفة الغربية. يحمل حلما سكنه منذ الصغر أن يكون طبيب أسنان. و بكلية طب الأسنان بمدينة المنستير قُدُّر لحلمه أن يرنو الى التحقيق.

و كانت رحلته نحو تحقيق هذا الحلم بدأت من سنة 2008 حيث وصل الى تونس بعد أن نال شهادة الثانوية العامة بالخليل. قضى بمعهد بورقيبة للغات الحية بالعاصمة التونسية موسما دراسيا ليتمكن من اللغة الفرنسة و هي اللغة الرسمية الثانية بتونس بعد العربية.

بعدها توجه الى المنستير. و حين سألته هل انتابه الإحساس بالاغتراب سيما و هي المرة الأولى التي يغادر فيها أهله و بلده قال الطالب أحمد فقط شعرت بذلك أسبوعا فقط في بداية الإقامة بتونس و السبب أني لم أستوعب اللهجة التونسية و كان يحزّ في نفسي أن التونسيين يفهمون كل اللهجات العربية تقريبا بينما نحن كأجانب تصعب علينا لهجتهم ثم اكتشفت انها قريبة جدا من اللغة العربية الفصحى.
و عن دور التمثيلية الدبلوماسية الفلسطينية في حياتهم, قال انها أحاطت بهم منذ الوهلة الأولى لقدومهم الى تونس و انها كانت ساهرة على الإحاطة بهم و تيسير أمر إقامتهم و توجيههم و كانت تشركهم الإحتفالات بالأعياد الوطنية و المناسبات المختلفة. و أن لهم لهم إتحادا عامّا لطلاب فلسطين يسهر على تسيير شؤونهم و أنه عضو فيه, كما أكد أحمد أن لهذا الإتحاد فروعا بكل ولاية تونسية يدرس بكلياتها طلاب من فلسطين. عبرّ عن سعادته بالدراسة في هذا البلد و ينصح به كل طالب فلسطيني نظرا لما لمسه من تفهم و كرم أخلاق مجتمعه. و يؤكد أحمد أنه اكتسب طوال مدة اقامته بتونس علاقات صداقة قوية مع التونسيين و العرب حتى أنه أصبح يتردد على بيوت عائلات زملائه من تونس كأنه فرد منهم مما خفف عليه عبء البعد عن الأهل الذي لم يزرهم طوال الثماني سنوات الا ثلاث مرات نظرا لتكلفة السفر الى الأراضي الفلسطينية. و قد زار أحمد عديد المدن التونسية حيث اكتشف عديد الجوانب لمجتمعاتها من عادات و تقاليد و بخاصة أبهرته الموسيقى التراثية و الأكلات الشعبية رغم قساوة طعم الهريسة ( و هي ما يميز المطبخ التونسي هي مستحضر يعتمد الفلفل الحار كمادة أولية).









من الدولة الموريطانية كانت لنا مصافحة مع الطالب يحي الصبّار, هو طالب بكلية الطب بالمنستير, بعد أن بدأ رحلته العلمية بمدينة صفاقس عاصمة الجنوب التونسي منذ سنتين.

أكدّ لنا يحي أن اندماجه مع المجتمع الطلابي التونسي كان أسرع مما توقع. اذ لمس الترحاب و الإحاطة من قِبلهم و اجتهادهم لمساعدته. اللهجة التونسية كانت في البداية صعبة بالنسبة لي, هكذا قال يحي غير أنه سرعان ما تمكن منها بمساعدة أصدقائه.

كذلك نوعية الوجبات و الأكلات المقدمة له في المطاعم كانت مؤذية في البداية نظرا لإعتمادها على البهارات الغريبة عنه مثل مادة الفلفل الحار و رغم ذلك تأقلم معها فهي لذيذة رغم طعم الشطة قال مازحا. غير أن أغرب ما عاشه يحي أنه كان يرفض مصافحة زميلاته في الكلية مما جعله يشعر الحرج الشديد ففي المجتمع الموريطاني محرم مصافحة النسوة الا من المحارم و أنه أصبح الآن يتقبل الأمر فهو واقع يعيشه الطلبة هنا و أصبحت له صديقات يعتز بصداقاتهن. يواكب يحي مع عدد من الطلبة أبناء بلده المناسبات و الأعياد الخاصة بالشعب الموريطاني عبر رابطة الطلاّب المتدربين الموريطانيين. كما يشارك بقية الطلبة الإحتفالات الخاصة ببلدانهم و أكدّ أن الكلية توفر لهم الأنشطة الثقافية المتعددة. زار يحي عديد المدن و الجهات بتونس صحبة طلبة تونسسين في إطار رحلات و زيارات لأهاليهم و قد لقي من أسر زملائه كل الترحاب مما خفف عليه وطأة البعد عن أهله الذين لا يزورهم الا صيفا. يحي عبر انه يشجع كل المتفوقين من بلده في الثانوية العامة بأن يختاروا الوجهة التونسية لدراساتهم العليا. تونس بلد يطيب فيه المقام و الدراسة رغم ما شاهده من تغييرات الثورة التي عاشها الشعب التونسي.







من أكثر نسب التواجد الطلابي الأجنبي في الدولة التونسية نجد الطلبة المغاربة.

ليلى الحِلْوِي طالبة أتت من مدينة فاس المغربية لتكمل مشوارها العلمي بكلية الطب بالمنستير.

تقول ليلى انها طالبة بهذه الكلية منذ خمس سنوات بعد أن نصحها الأقارب و الأصدقاء في بلدها أن تختار هذه الكلية و هذا البلد.

و قد أصابوا فهي طالبة ناجحة بإمتياز و قد ختمت مرحلة الدراسة لمدة خمس سنوات و أنها مرسمه بسنة الإختصاص هذا الموسم الدراسي 2016_ 2017.

لم تجد صعوبة في الاندماج فقد وجدت عددا كبيرا من الطلاب المغاربة في مختلف كليات مدينة المنستير. و أن أكثر صداقاتها كانت مع مواطنيها المغاربة.

أكدت الطالبة ليلى أن ما يزعجها هو صعوبة المناهج التعليمية بالكلية مع تقدم المراحل. كما تقول أن الأنشطة الطلابية تعدّ قليلة فالطالب يحتاج إلى الترفيه بين الحين و الحين.

أما عن شعورها بالغربة أو الوحدة أجابتنا ليلى أنه منعدم نظرا لتوفر وسائل الاتصال بالعائلة فهي يوميا تحادث أهلها تقريبا و أنها تحيا معهم كل المناسبات العائلية و الوطنية رغم انشغالها بالدراسة. كما تقول أنها من حين لآخر تستضيف صديقات تونسيات ببيتها لتطعمهن من خيرات المطبخ المغربي الذي يشبه إلى حد كبير المطبخ التونسي رغم اعتماد الشعب التونسي على المعجنات كوجبات رئيسية بحسب نظرتها و هي الطالبة التي اقتربت من تخرجا كطبيبة. و قد زارت عديد المناطق بتونس مثل مدن من الجنوب التونسي حيث اكتشفت الصحراء الجميلة و كانت لها ذكريات جسدتها بعض الصور لها من هناك. و تذكر ليلى أن استقبلت عيد الفطر مع عائلة إحدى زميلاتها التونسيات و سعدت بما قدمه لها الأهل من حفوة و ترحاب و حسن ضيافة و أنها سعدت بإكتشافها لبعض الحلويات ذات الإختصاص التونسي كالبقلاوة و غيرها.

تقول ليلى أنها ستمكث بمدينة المنستير سنتين أخرتين لتنهي دراسته و تعود الى المغرب بشهادة الدكتوراه في الطب العام و طب الإختصاص.

---------------

comments

أحدث أقدم