على الخط الاخر
يكتبه
محمود الحرشاني
مقاومة الخوف.. لتكون الحياة اجمل
مكافحة الخوف... لتكون الحياة أجمل...
أول درس تعلمته في حياتي في مكافحة ومقاومة الخوف، كان من عند والدي صالح، رحمه الله، منذ أكثر من خمسين سنة، وأنا أخطو أول خطوة باتجاه المدرسة الابتدائية التي سجلني فيها، والتي تبعد عن منزلنا أربعة عشرة كيلومترا، ويتحتم علي أن اقطع تلك المسافة يوميا على الأقدام ذهابا وإيابا، في الصباح والمساء، وانه علي أن اخرج من بيتنا في جوف الليل، لكي أكون في المدرسة على الساعة الثامنة، ضباحا ... قال لي والدي، إياك والخوف فانه قاتل لعزيمة الرجال، عندما يتملكك الشعور بالخوف، فانك لا تسطيع ان تتقدم وان تقطع الخطوة الموالية، واكبر سلاح لقهر الخوف هو مواجهته، واذكر أن والدي، رفض أن يصطحبني إلى المدرسة في اليوم الأول، كنت صغيرا، وكانت الطريق إلى المدرسة محفوفة بالكثير من المخاطر، ليس اقلها الخوف من أن يخرج لي وأنا في الطريق وأنا اقطعه وحدي في ظلمة الليل كائن برأسين أو حيوان في شكل آدمي أو غير ذلك مما كنت اسمعه من حكايات مخيفة ومرعبة...
تعلمت أن الانتصار على الخوف ثقافة يكتسبها الإنسان ولذلك آمنت طول حياتي أن من يخاف من الأسد يخرج له في الطريق...
وأدركت وأنا أتقدم في مسيرة العمر أن اكبر عائق يشل حركة الإنسان ويعيقه عن التقدم والوصول إلى تحقيق طموحاته في الحياة هو الشعور بالخوف، وعندما يخاف الإنسان لا يستطيع أن يستمر، لان نتيجة الشعور بالخوف هي الفشل والفشل الذريع المحبط للعزائم... وصاحب المشروع عندما يخاف لا يستطيع أن ينجح، والتلميذ آو الطالب عندما يخاف يفشل، والكاتب عندما يخاف لا يستطيع أن يكتب...فالخوف يقتل ملكة الإبداع عند الإنسان، ولذلك فالناجحون في حياتهم هم الذين تخلصوا من عقدة الخوف و آمنوا بان قدر الإنسان هو أن يواجه مصيره بكل شجاعة وثقة في النفس.
لم اشعر بالخوف، وأنا انطلق في مغامرة إصدار أول مجلة جهوية منذ اثنين وثلاثين سنة في منطقة محدودة الإمكانيات الاقتصادية ولا تتوفر بها تقاليد صحفية أو ثقافية راسخة ومع ذلك أقدمت على بعث هذه المجلة، وضمنت لها الاستمرار والدوام لمدة 32 سنة،و لم اشعر بالخوف وأنا أؤسس أول مهرجان أدبي في تونس الأعماق بإمكانيات محدودة جدا، لتنتظم منه 23 دورة، ويستقطب أهم الأسماء الفاعلة في المشهد الأدبي والثقافي.
وقد حرصت طيلة حياتي على أن أكون إلى جانب أي مشروع يقاوم مظاهر الخوف الذي هو آفة اجتماعية ونفسية خطيرة إذا ما تملكت الإنسان تقتل فيه حاسة الإبداع وملكة الخلق.
وأنا اليوم في غاية السعادة، بعد أن اختارني معهد اكيودي لمكافحة الخوف، وهو منظمة صينية غير حكومية لها فروع في كافة أنحاء العالم تعنى بمكافحة الخوف بكل أشكاله، لأكون أول سفير لمكافحة الخوف في تونس وشمال افريقية، وقد رشحني لهذه المهمة أكثر من 500 عضو من أعضاء المعهد في العالم.في تصويت سري..
من بين الشخصيات المؤثرة في بلدانهم ويقترن عندي في هذه اللحظات، شعور الفخر والاعتزاز بهذا التكريم الدولي بشعور الوفاء للرجل الذي علمني أول درس في مقاومة الخوف منذ أكثر من خمسين سنة، وهو والدي صالح رحمه الله...
هاتف عبد الرحمان الكبلوطي
أسعدني اتصال هاتفي من الصديق الشاعر الرقيق عبد الرحمان الكبلوطي، وقد آلمني أن وجدته يشعر بالإحباط لما يعيشه من تجاهل من قبل القائمين على الشأن الثقافي في ولاية بن عروس. وعدم دعوته إلى المشاركة في المهرجانات والندوات الثقافية سواء في ولاية بن عروس أو الولايات الأخرى...
وعبد الرحمان الكبلوطي هو شاعر ممتاز وهو متفقد أول للغة العربية، وهو عضو اتحاد الكتاب، ومؤسس لعديد التظاهرات الثقافية الكبرى وكان على القائمين على الثقافة في بن عروس التفكير في تكريمه لا تجاهله وتهميشه. ..يا اسفي على ما ال اليه حال المبدعين والمثقفين اليوم من تهميش وتجاهل وغبن..
هل تسمعني يا سيد وزير الثقافة .. حال المثقفين في تونس اليوم يبكي.. يعانون التهميش والاقصاء وتطييح القدر..ان الشعوب المحترمة والراقية هي التي تحترم مبدعيها.. لقد كان املنا فيك كبيرا يا سيدي الوزير ولكن يبدو ان الامر مستمر على حاله . وفي كل ولاية يشعر المثقفون الحقيقيون بالتهميش والاقصاء وعدم اللا مبالاة..لا احد يدعوهم ولا احد يفكر فيهم ..شخيا بنيب امالا كبيرة على تعيينكم وعبرت عن هذا كتابة وكلاما ولكن كل يوم اقف على حقائق مرة في المشهد الثقافي تدمي القلب وتدمع العين.
إرسال تعليق