حياتي في الصحافة .... من الهواية الى الاحتراف
كتاب على حلقات وذكريات يرويها لكم
محمود الحرشاني
مهمّتي الاعلامية الاولى خارج حدود الوطن
مبعوث الاذاعة التونسية الى البقاع المقدّسة
لهذه المهمّة الاعلامية الأولى، خارج حدود الوطن، وقع كبير في نفسي، وأحمل عنها أجمل الكريات، كما انّها شكّلت منعرجا حاسما في حياتي المهنية كصحفي يسعى الى تحقيق النّجاح، واثبات وجوده.
ولم تكن المهمّة سهلة على صحفي مبتدأ أو مازال في بداياته. ففي شهر نوفمبر سنة 1979 تلقّيت اتّصالا من مدير الأخبار بمؤسّسة الاذاعة والتلفزة آنذاك الاستاذ عبد الحميد سلامة يعلمني فيها بتكليفي مع الزميل بلحسن بن عرفة الصحفي بقسم الأخبار بالإذاعة الوطنية بتغطية موسم الحج في تلك السنة... وفرحت كثيرا بتكليفي بهذه المهمّة ورأيت فيها تقديرا من ادارة المؤسّسة لمجهودي وعملي كمراسل جهوي للإذاعة والتلفزة.
وتكوّنت البعثة الاعلامية في تلك السنة الى موسم الحج منّي انا والزميل بلحسن بن عرفة عن الاذاعة والتلفزة ومحمد سيدية عن جريدة العمل وعبد الجليل دمّق عن جريدة الصباح وترأس البعثة الرّسمية للحجيج التونسيين السيّد عثمان كشريد الكاتب العام للحكومة في ذلك الوقت. وسبقت أنا والزميل بلحسن بن عرفة البعثة لرّسمية الى البقاع المقدّسة وفي المطار تمّ اعلامي انّني ضيف وزارة الاعلام السعودية، ووجدت في استقبالي الشاعر السعودي الكبير طاهر الزمخشري أو باب طاهر كما يسمّونه مكلّفا من قبل وزير الاعلام السعودي الاستاذ محمد عبدة يماني وبعد اتمام اجراءات الدخول تمّ نقلي الى الفندق الّذي يقيم فيه الاعلاميون العرب من ضيوف الوزارة. وهناك استقبلني الأستاذ بدر أحمد كريم مدير الاعلام الخارجي بالإذاعة السعودية ونسق معي جدول المراسلات التي سأمد بها الاذاعة التونسية كل يوم ليكون هناك تنسيق بين الاذاعتين السعودية والتونسية في تلقّي هذه المراسلات.
أمّا الزميل بلحسن بن عرفة فقد تدبّر أموره في الاقامة قبل أن يلتحق بنا في مقرّات الاقامة التي وفّرتها وزارة الاعلام السعودية لضيوفها من الاعلاميين سواء في جدّة أو مكّة أو المدينة المنوّرة وذلك بعد أن تدخّلت أنا والزميل عبد الجليل دمّق لدى مسؤول من الوزارة.
كانت مهمّتي أنا والزميل بلحسن بن عرفة هي موافاة الاذاعة التونسية يوميا بمراسلات صوتية عن أجواء موسم الحج وفي الجزء الثاني من المراسلة نقدّم تسجيلات لتحايا الحجيج التونسيين الى أهلهم وذويهم وكنّا نقوم بهذه التسجيلات ليلا.
وفي النهار نقوم بعملية المونتاج وتسجيل المراسلة من استوديهات الاذاعة السعودية طبعا الى جانب قيامنا بأداء فريضة الحج كبقية الحجّاج.
واستطعنا لمدّة تناهز العشرين يوما أن نربط الصلة من خلال هذه المراسلات بين الحجيج التونسيين وذويهم بأرض الوطن ومررنا من مراسلة واحدة الى مراسلتين في اليوم واحدة تقدمها الاذاعة الوطنية بعد نشرة الظهر والثانية تقدمها الاذاعة بعد نشرة الخامسة مساء.
كما اشتركت شخصيا الى جانب مبعوثي الاذاعات العربية والإسلامية في وصف وقفة الحجيج على صعيد جبل عرفات، وكان ترتيبي الثاني بعد مبعوث اذاعة البحرين لأسلم المصدح بعده الى مبعوث الاذاعة الجزائرية لأنّه كان يعتمد الترتيب الأبجدي في تداول الكلمة بين المذيعين كما اشتركت في وصف نفرة الحجيج الى مزدلفة ونزولهم بميناء ودعائي الزميل السعودي محمد كدّوع من الاذاعة السعودية لكي أشترك معه في نقل صلاة أوّل جمعة يعد انتهاء موسم الحج من مكّة المكرّمة انطلاقا من ستوديهات اذاعة القرآن الكريم بمكّة.
ودعانا رئيس البعثة الرسمية للحجيج التونسيين الى مرافقته لتقديم رسالة رئيس الجمهورية الى خادم الحرمين الشريفين وقد تمّ تسليم الرسالة واستقبلنا بالقصر سمو الأمير الملكي عبد الله بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني الّذي رحّب بالوفد التونسي وأطلعنا على خطّة تطوير موسم الحج لتجنّب حالات الاكتظاظ وتوسعة الحرمين الشريفين.
وكان أكبر جزاء لي شخصيا وللزميل بلحسن بن عرفة على نجاحنا في هذه المهمّة هو رسالة الشكر التي تلقيناها عند عودتنا من الأستاذ الشاذلي القليبي وزير الاعلام في ذلك الوقت، الّذي ذكر في رسالة انّه تابع نشاطنا في البقاع المقدّسة وهو اذ يعبّر لنا عن خالص مشاعر التقدير فانّه يتمنّى ان يتحلّى كلّ الصحافيين بنفس ذلك الحزم والنشاط والحيوية والشعور بالمسؤولية الّذي تحلت بها بعثة الاذاعة الى البقاع المقدّسة ومن الطرائف التي مازلت أذكرها الى اليوم انّي كنت أصغر مذيع من بين جميع المذيعين العرب، وكنت في الثانية والعشرين من عمري فكان مبعوث الاذاعة اللبنانية شفيق جدايل يقول لي ممازحا "هل لم تجد الاذاعة التونسية شيخا تكرّمه بهذه المهمّة فيقرن بين العمل والعج، وترسل شابّا في العشرين من عمره؟؟؟"
------------------الصور
الصورة الاولى كاتب المقال يصف وقفة الحجيج على صعيد عرفات
الصورة الثانية
كاتب المقال يبتهل الى الله عز وجل على صعيد عرفات
إرسال تعليق