حياتي في الصحافة......من الهواية إلى الاحتراف ليلة القبض.....على القذافي

حياتي في الصحافة......من الهواية إلى الاحتراف



ليلة القبض.....على القذافي



بقلم: محمود الحرشاني


صورة الكاتب محمود الحرشاني
الرجاء اعتمادها
تلقيت في حياتي دعوتين من رئاسة الجمهورية لحضور لقاءين مع العقيد معمر القذافي، الزعيم الليبي المغدور، المناسبة زيارتين له إلى تونس، قاما بهما إلى بلادنا، وحرص أن يكون في برنامجه سلسلة من الحوارات مع المثقفين والإعلاميين والمنظمات الوطنية التونسية، لشرح أفكاره. وقد ابلغني الدعوتين الضيف منجي الزيدي عندما كان مكلفا لمهمة لدى وزير الثقافة عبد الباقي الهرماسي...
وبما أن القذافي كان يختار فترة الضيف للقيام بزياراته إلى تونس، ضمن الطبيعي أن يتم اللقاءات خلال فترة الصيف واذكر أنني كنت اقضي عطلتي الصيفية في مدينة المنستير رفقة أفراد عائلتي عندما اتصل بي الصديق المنجي الزيدي ليعلمني أنني مدعو لحضور لقاءه مع القذافي في بيت الحكمة إلى جانب عدد من المثقفين والإعلاميين...
وفي الحقيقة، اعتبرت تلبية الدعوة مناسبة لحضور لقاء قد لا يتوفر لي في مناسبة أخرى مع صاحب الكتاب الأخضر وأطروحاته الفكرية والسياسية الغريبة أحيانا.
والعقيد القذافي كان يريد دائما أن يصنع الحدث من خلال أفكاره وآرائه ومواقفه وحتى سياسته الغريبة أحيانا... فهو لا يريد أن يكون زعيما كالآخرين. وقد روى لي احد أصدقائي في مدينة المنستير، انه لما زار ضريح الزعيم الحبيب بورقيبة خلال شهر جويلية من سنة وفاته، فاجأ الحاضرين بقوله، والله لم اسمع بوفاته إلا منذ مدة قليلة. وكان الزعيم بورقيبة قد رحل منذ ستة أشهر على الأقل باعتباره قد توفي يوم 11 أفريل من تلك السنة!!! ورغم أن الكثيرين كانوا يدركون أن القذافي ليس صادقا في كلامه وما قاله...إلا أنهم صدقوه. ومن الطرائف الأخرى التي احملها عن القذافي، انه لما كان في زيارة الى تونس، سمع في إذاعة المنستير المنشطة الراحلة نجاة الغرياني تقرأ من جريدة مرآة الوسط التي أسستها وأصدرتها انطلاقا من سيدي بوزيد، قصيد الشاعر الكبير الراحل عامر بوترعة "أنا راع" وهذه القصيدة ولدت بين يدي، في مكتبتي في مجلة مرآة الوسط عند ما كانت تصدر كجريدة، ولها قصة. فقد كان هناك برنامج في التلفزة التونسية بعنوان "ارضي وفاء ووعود" تقدمه المنشطة اللامعة هالة الركبي، تستضيف في كل حلقة ولاية من الولايات. وفي حلقة سيدي بوزيد، يبدو أن المنشطة نتيجة زلة لسان وصفت أهالي سيدي بوزيد بالرعاة، فقامت الدنيا ولم تقعد، واحتج أهالي سيدي بوزيد على نعهم بهذا الوصف. وجاءني الشاعر عامر بوترعة إلى مكتبي في الجريدة وكان يشرف على القسم الثقافي، وأعلمني بأنه اعد قصيده الرائع، نعم أنا راع، للرد على هالة الركبي واسمعني القصيد فأعجبني ونشرته في الجريدة مع صورة عامر بوترعة وهالة الركبي...وأخذ القصيد شهرة كبيرة وأصبح على كل لسان. وعندما وصلت الجريدة إلى المرحومة نجاة الغرياني قرأته، وصادف أن استمع إليه القذافي، فطلب من رئاسة الجمهورية أن يقابل الشاعر ويأتوه بنسخة من القصيد ولكنه لم سمي الإذاعة، لأنه لم يكن يريد أن ينطق اسم المنستير فقال انه استمع إلى القصيد في إحدى الإذاعات التونسية.
واذكر أن الأستاذ عبد الملك العريق الرئيس المدير العام للإذاعة والتلفزة اتصل بي لأنه كانت قد وصلته أيضا نسخة من الجريدة التي بها القصيد، لأدله على الإذاعة التي قدمته... وتوصلنا إلى أن الإذاعة المقصودة هي إذاعة المنستير... واذكر أن القذافي وجه دعوة مفتوحة إلى الشاعر المرحوم عامر بوترعة لزيارة ليبيا والإقامة فيها وقد كان ضيفا مبجلا ونشر أشعاره في العديد من مجلاتها.
وأعود إلى اللقاء الذي تحدثت عنه في البداية، فقد تحولت من مدينة المنستير حيث كنت اقضي عطلتي الصيفية الى العاصمة... واللقاء كان محددا الساعة السادسة مساء ببيت الحكمة، ووجدت عددا من المثقفين الذين وصلتهم الدعوة أيضا وهم من كبار المثقفين والكتاب... وتأخر اللقاء، وكان المشرفون كل مرة يقولون لنا...لا تقلقوا...سيأتي العقيد...ولم يأت العقيد إلا في تمام الساعة الحادية عشر والنصف ليلا...وكان العديد من المدعوين قد غادروا القاعة واعتذر عن الحضور....
وأذكر أن القذافي افتتح اللقاء بخطبة طويلة تحدث فيها عن استياء كثيرة وعن إيمانه بدور النخب الفكرية في صياغة مشروع النهوض بالأمة، واستياء أخرى كثيرة تلاشى بعضها الآن من الذاكرة....
أما الدعوة الثانية والتي وصلتني في الزيارة التي قام بها القذافي في العام الموالي إلى بلادنا وتواصلت إقامته حوالي أسبوع. وكان ذلك خلال شهر جويلية من سنة 2009 فقد اعتذرت عنها.

comments

أحدث أقدم