قصيد جديد للشاعر والصحفي عبد العزيز الهمامي
الشاعر عبد العزيز الهمامي
مرثية إلى القيروان
يَا قَيْرَوَانَ المَجْـــــدِ وَالأَبْـــطَــــــالِ *** كَمْ عِشْتُ مُغْتَرِبـًــــــا وَأَنْتِ بِبَالِي
مُنْذُ الطّفُولَةِ كُنْتِ فَوْقَ أَصَــــــابِعِي *** مَرْسُومَةً فِي رِيشَةِ الأَطْفَـــــــــالِ
اللَّيْلُ فَاجَأَنَــــا وَبَدَّدَ حُلْمَنَـــــــــــــــا *** وَبِدَاخِلِي وَجَعٌ وحَـــــــــالُكِ حَالِي
أَبْكِــــي عَلَيْكِ إِذَا وَقَفْتُ مُحَدِّقًــــــــا *** فَكَأَنَّمَـــــــــــا أَبْكِي عَلَى الأَطْلاَلِ
ذَهَبَ الزَّمَانُ بِسِحْرِهَــــا وَبَهَائِهَــــا *** وَعَلَى اللِّسـَـــانِ يَدُورُ أَلْفُ سُؤَالِ
هَذِي مَعَالِمُهـَـــا تَبَــــــــــاتُ حَزِينَةً *** حَتَّى غَدَتْ فِي سَلَّةِ الإِهْمَــــــــالِ
وَالحَاكِمُ الأَعْمَى تَجَاهَلَ أَمْرَهـَـــــــا *** أَوْ غَضَّ عَنْهَا الطَّرْفَ غَيْرَ مُبَالِ
وَمِنَ الحَمَاقَةِ أَنَّهُ يَرْتـَــــــــادُهـَــــــا *** وَيَخَالُهـَــــــــا فِي أَفْضَلِ الأَحْوَالِ
بَقِيَتْ عَلَى وَهْمِ الوُعـُـــــودِ عَلِيلَـــةً *** وَأَتَى السَّرَابُ بِخَيْبَةِ الآمـَــــــــالِ
مَرَّتْ حُكُومـَـــاتٌ وَلَمْ تَعْبَأْ بِهـَــــــا *** وَتَدَحْرَجَتْ نَحْوَ السُّفُوحِ أَعـَـــالِي
شَبِعَ الكـَـــــلاَمُ مِنَ الكَـــــلاَمِ وَإِنَّــهُ *** شَتَّانَ بَيْنَ القَوْلِ وَالأَفْعـَـــــــــــالِ
طَالَ الهُرَاءُ وَلَمْ نَعُدْ نُصْغِي إِلـَــــى *** دَجَلِ الشفـَــــــــــــاهِ وَقِلَّةِ الأَمْوَالِ
وَأَظَلُّ أَبْحَثُ عَنْ صَبـَـــــاحَاتِ بِهـَا *** وَتَعِبْتُ مِنْ تِيهِي وَمِنْ تِرْحـَــــالِي
وَأُعَانِقُ الأَشْجـَـــارَ عِنْدَ سُقُوطِهـَــا *** وَيَضِيعُ فِي الأُفُقِ البَعِيدِ هِلاَلـِـــي
غَابَ النَّمـَــــــــــاءُ بِهـَـــا وَتَعَطَّلَتْ *** مَنْظُومَةُ الأَلْوَانِ وَالأَشْكـَــــــــــالِ
هِيَ أَيْكَةُ المَاضِيَ الجَمِيلِ يَشُدُّنـِــي *** وَيَهُزُّ أَجْنِحَتِي وَحُلْمَ خَيـَــــــــــالِيَ
القَيْرَوَانُ بِعِلْمِهـَــــــا وَتُرَاثِهــَــــــا *** يَزْهُو بِهَا تَاجُ الحَضـَـــارَةِ عـَــالِي
وَمَدِينَةٌ كـَــانَتْ مُطَرَّزَةً بِمـــَــــــــا *** فِي الأَمْسِ مِنْ إِشْرَاقَةٍ وَجَمـَـــــالِ
رَكَضَتْ إِلَى تَـــارِيخِهـَا حَتَّى بَدَتْ *** أَرْضَ الفَخـَــــارِ وَدُرَّةَ الأَجْيـَـــالِ
وَأَنـَــا الذِي أَيْنَعْتُ فَوْقَ تُرَابِهـَـــــا *** الغُصْنُ غُصْنِي وَالظِّلاَلُ ظِلاَلـِــي
وَيَظَلُّ جَامِعُهَا الكَبِيرُ مَلاَذَنـَــــــــا *** يُحْظَى بِكُلِّ الحُبِّ وَالإِقْبـَــــــــــالِ
كَانَتْ سُطُورُ العِزِّ فَوْقَ جِبـَـاهِنـَــا *** تَخْتَالُ مِثْلَ السَّيْفِ بَعْدَ قِتـَـــــــــالِ
أَحْجَارُهـَــــــــا قَمَرٌ يُعَنِاقُ نَخْوَتِي *** وَغُيُومُهـَـــــــا تَخْضَرُّ فَوْقَ جِبَالِي
وَاليَوْمَ تَرْسُمُ فِي الضَّبَابِ هُمُومَهَا *** وَبِأَدْمُعٍ فِي النَــــــــــــــائِبَاتِ ثِقَالِ
غَابَتْ مَجَالِسُهَــــا البَدِيعَةُ وَاخْتَفَتْ *** عِنْدَ المَسـَـــــــــــاءِ جَواهِرٌ وَلآلِي
إِغْمَضْ مَعِي عَينَيْكَ ثُمَّ افْتَحْهُمَــــا *** سَتَرَى المدِينَةَ رَثّةَ الأَسْمَــــــــــالِ
فَكَأنَّمَا تَمْشِي عَلَى أَشْوَاكِهـَـــــــــا *** وَتَخُوضُ مَعْرَكَةً بِدُونِ رِجـَــــــالِ
أَيَّامَ كــَــــــــانَتْ فِي النِّزَالِ عَنِيدَةً *** أَعْدَاؤُهـَــــــــا فَرُّوا بِغَيْرِ نِعـَـــــالِ
وَالآنَ ثَوْرتُنَــــــا المَجيدَةُ سَــافَرَتْ *** بِبِلاَدِنـَـــــــــــــا فِي عَالَمِ الأَدْغـَـالِ
عُنْفٌ وَإِرْهَابٌ وَخَوْفٌ حَوْلَنـَـــــــا *** وَبِطَالَةٌ مَفْتُـــوحَةُ الآجـَــــــــــــــالِ
القَيْرَوَانُ تَصِيرُ نِصْفَ مَدِينَــــــــةٍ *** مِنْ بَعْدِ عِزٍّ يــَــــــــــــــافِعٍ وَجَلاَلِ
كَانَتْ عَلَى مَرِّ العُقُودِ وَبَأْسِهـَــــــا *** رَمْزَ العَطَاءِ ومَضْرِبَ الأَمْثـَـــــــالِ
مِنْهَا أَشَعَّ المُسْلِمُـــــــــــونَ بِدِينِهِمْ *** وَالمَجْدُ كَانَ لِدَوْرِهَا الفَعّـَـــــــــــالِ
حَسْبِي إِذَا طَافَ الهَوَى بِمَشَاعِرِي *** فِي سِحْرِ تُرْبَتِهـَـــــــا أَحُطُّ رِحـَالِي
فَمَتَى سَتنهَضُ مِنْ رَمَادٍ فُصُولُهـَـا *** وَتَزُولُ عَنْهَا صُــــــــــورَةُ الإِذْلاَلِ
وَمَتَى سَنَمْسَحُ دَمْعَةً مِنْ خَدِّهـَـــــا *** وَمَتَى سَتُزْهِرُ فِي الدُّرُوبِ دَوَالِـــي
لاَ شَيْءَ بَعْدَ اليَوْمِ يُوقِظُ حُلْمَهَـــــا *** حتّى تَعُودَ مَحَـــــــاسِنُ الأَعْمَــــالِ
أَقْفُو مَلاَمِحَهـَــــا وَفِي أَحْضَانِهـَــا *** أَلْقَيْتُ فِي يَمِّ الغَرَامِ حِبـَــــــــــــالِي
القَيْرَوانُ عَلَى فَمِي مَعْزُوفَـــــــــةٌ *** سَتَظَلُّ عـَــــــــــاشِقَتِي بِدُونِ جِدَالِ
الشاعر عبد العزيز الهمامي
مرثية إلى القيروان
يَا قَيْرَوَانَ المَجْـــــدِ وَالأَبْـــطَــــــالِ *** كَمْ عِشْتُ مُغْتَرِبـًــــــا وَأَنْتِ بِبَالِي
مُنْذُ الطّفُولَةِ كُنْتِ فَوْقَ أَصَــــــابِعِي *** مَرْسُومَةً فِي رِيشَةِ الأَطْفَـــــــــالِ
اللَّيْلُ فَاجَأَنَــــا وَبَدَّدَ حُلْمَنَـــــــــــــــا *** وَبِدَاخِلِي وَجَعٌ وحَـــــــــالُكِ حَالِي
أَبْكِــــي عَلَيْكِ إِذَا وَقَفْتُ مُحَدِّقًــــــــا *** فَكَأَنَّمَـــــــــــا أَبْكِي عَلَى الأَطْلاَلِ
ذَهَبَ الزَّمَانُ بِسِحْرِهَــــا وَبَهَائِهَــــا *** وَعَلَى اللِّسـَـــانِ يَدُورُ أَلْفُ سُؤَالِ
هَذِي مَعَالِمُهـَـــا تَبَــــــــــاتُ حَزِينَةً *** حَتَّى غَدَتْ فِي سَلَّةِ الإِهْمَــــــــالِ
وَالحَاكِمُ الأَعْمَى تَجَاهَلَ أَمْرَهـَـــــــا *** أَوْ غَضَّ عَنْهَا الطَّرْفَ غَيْرَ مُبَالِ
وَمِنَ الحَمَاقَةِ أَنَّهُ يَرْتـَــــــــادُهـَــــــا *** وَيَخَالُهـَــــــــا فِي أَفْضَلِ الأَحْوَالِ
بَقِيَتْ عَلَى وَهْمِ الوُعـُـــــودِ عَلِيلَـــةً *** وَأَتَى السَّرَابُ بِخَيْبَةِ الآمـَــــــــالِ
مَرَّتْ حُكُومـَـــاتٌ وَلَمْ تَعْبَأْ بِهـَــــــا *** وَتَدَحْرَجَتْ نَحْوَ السُّفُوحِ أَعـَـــالِي
شَبِعَ الكـَـــــلاَمُ مِنَ الكَـــــلاَمِ وَإِنَّــهُ *** شَتَّانَ بَيْنَ القَوْلِ وَالأَفْعـَـــــــــــالِ
طَالَ الهُرَاءُ وَلَمْ نَعُدْ نُصْغِي إِلـَــــى *** دَجَلِ الشفـَــــــــــــاهِ وَقِلَّةِ الأَمْوَالِ
وَأَظَلُّ أَبْحَثُ عَنْ صَبـَـــــاحَاتِ بِهـَا *** وَتَعِبْتُ مِنْ تِيهِي وَمِنْ تِرْحـَــــالِي
وَأُعَانِقُ الأَشْجـَـــارَ عِنْدَ سُقُوطِهـَــا *** وَيَضِيعُ فِي الأُفُقِ البَعِيدِ هِلاَلـِـــي
غَابَ النَّمـَــــــــــاءُ بِهـَـــا وَتَعَطَّلَتْ *** مَنْظُومَةُ الأَلْوَانِ وَالأَشْكـَــــــــــالِ
هِيَ أَيْكَةُ المَاضِيَ الجَمِيلِ يَشُدُّنـِــي *** وَيَهُزُّ أَجْنِحَتِي وَحُلْمَ خَيـَــــــــــالِيَ
القَيْرَوَانُ بِعِلْمِهـَــــــا وَتُرَاثِهــَــــــا *** يَزْهُو بِهَا تَاجُ الحَضـَـــارَةِ عـَــالِي
وَمَدِينَةٌ كـَــانَتْ مُطَرَّزَةً بِمـــَــــــــا *** فِي الأَمْسِ مِنْ إِشْرَاقَةٍ وَجَمـَـــــالِ
رَكَضَتْ إِلَى تَـــارِيخِهـَا حَتَّى بَدَتْ *** أَرْضَ الفَخـَــــارِ وَدُرَّةَ الأَجْيـَـــالِ
وَأَنـَــا الذِي أَيْنَعْتُ فَوْقَ تُرَابِهـَـــــا *** الغُصْنُ غُصْنِي وَالظِّلاَلُ ظِلاَلـِــي
وَيَظَلُّ جَامِعُهَا الكَبِيرُ مَلاَذَنـَــــــــا *** يُحْظَى بِكُلِّ الحُبِّ وَالإِقْبـَــــــــــالِ
كَانَتْ سُطُورُ العِزِّ فَوْقَ جِبـَـاهِنـَــا *** تَخْتَالُ مِثْلَ السَّيْفِ بَعْدَ قِتـَـــــــــالِ
أَحْجَارُهـَــــــــا قَمَرٌ يُعَنِاقُ نَخْوَتِي *** وَغُيُومُهـَـــــــا تَخْضَرُّ فَوْقَ جِبَالِي
وَاليَوْمَ تَرْسُمُ فِي الضَّبَابِ هُمُومَهَا *** وَبِأَدْمُعٍ فِي النَــــــــــــــائِبَاتِ ثِقَالِ
غَابَتْ مَجَالِسُهَــــا البَدِيعَةُ وَاخْتَفَتْ *** عِنْدَ المَسـَـــــــــــاءِ جَواهِرٌ وَلآلِي
إِغْمَضْ مَعِي عَينَيْكَ ثُمَّ افْتَحْهُمَــــا *** سَتَرَى المدِينَةَ رَثّةَ الأَسْمَــــــــــالِ
فَكَأنَّمَا تَمْشِي عَلَى أَشْوَاكِهـَـــــــــا *** وَتَخُوضُ مَعْرَكَةً بِدُونِ رِجـَــــــالِ
أَيَّامَ كــَــــــــانَتْ فِي النِّزَالِ عَنِيدَةً *** أَعْدَاؤُهـَــــــــا فَرُّوا بِغَيْرِ نِعـَـــــالِ
وَالآنَ ثَوْرتُنَــــــا المَجيدَةُ سَــافَرَتْ *** بِبِلاَدِنـَـــــــــــــا فِي عَالَمِ الأَدْغـَـالِ
عُنْفٌ وَإِرْهَابٌ وَخَوْفٌ حَوْلَنـَـــــــا *** وَبِطَالَةٌ مَفْتُـــوحَةُ الآجـَــــــــــــــالِ
القَيْرَوَانُ تَصِيرُ نِصْفَ مَدِينَــــــــةٍ *** مِنْ بَعْدِ عِزٍّ يــَــــــــــــــافِعٍ وَجَلاَلِ
كَانَتْ عَلَى مَرِّ العُقُودِ وَبَأْسِهـَــــــا *** رَمْزَ العَطَاءِ ومَضْرِبَ الأَمْثـَـــــــالِ
مِنْهَا أَشَعَّ المُسْلِمُـــــــــــونَ بِدِينِهِمْ *** وَالمَجْدُ كَانَ لِدَوْرِهَا الفَعّـَـــــــــــالِ
حَسْبِي إِذَا طَافَ الهَوَى بِمَشَاعِرِي *** فِي سِحْرِ تُرْبَتِهـَـــــــا أَحُطُّ رِحـَالِي
فَمَتَى سَتنهَضُ مِنْ رَمَادٍ فُصُولُهـَـا *** وَتَزُولُ عَنْهَا صُــــــــــورَةُ الإِذْلاَلِ
وَمَتَى سَنَمْسَحُ دَمْعَةً مِنْ خَدِّهـَـــــا *** وَمَتَى سَتُزْهِرُ فِي الدُّرُوبِ دَوَالِـــي
لاَ شَيْءَ بَعْدَ اليَوْمِ يُوقِظُ حُلْمَهَـــــا *** حتّى تَعُودَ مَحَـــــــاسِنُ الأَعْمَــــالِ
أَقْفُو مَلاَمِحَهـَــــا وَفِي أَحْضَانِهـَــا *** أَلْقَيْتُ فِي يَمِّ الغَرَامِ حِبـَــــــــــــالِي
القَيْرَوانُ عَلَى فَمِي مَعْزُوفَـــــــــةٌ *** سَتَظَلُّ عـَــــــــــاشِقَتِي بِدُونِ جِدَالِ
إرسال تعليق