نحن شعب لا يطمئن إلاّ عندما يدفن رموزه تحت التراب


نحن شعب لا يطمئن إلاّ عندما يدفن رموزه تحت التراب
*بقلم محمود الحرشاني

‏‎Mahmoud Horchani‎‏


اطلعت على القائمة الموسّعة المعروضة للتصويت العام، للشخصيات المرشّحة لنيل وسام التميّز العالمي لأكثر الشخصيات تأثيرا في العالم، من بين الشخصيات السياسية والثقافية والإعلامية والفنّية والرّياضية. وهذا الوسام هو وسام رفيع وله قيمة معنوية كبيرة تشترك في منحه عدّة منظّمات دولية تعنى بحقوق الإنسان وحرّية التعبير إلى جانب مؤسّسات علمية جامعية وتقدّمه كلّية ولدنبرج الدولية والمجلس الدوّلي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والإستراتيجية ويشترط في الترشّح له، صدق الموهبة  والإشعاع والإخلاص والتميّز في المهنة. ومن بين الشخصيات المرشّحة لنيل هذا الوسام هذه السنة نجد الصحفي والإعلامي الكبير عبد الباري عطوان والإعلامي المصري محمود سعد والفنّان الفلسطيني العالمي سميح أبو زاكية الّذي يقدّم حاليا برنامج آخر النهار على قناة النهار المصرية والشاعر ورجل الأعمال الكويتي عبد العزيز سعود البابطين والصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل، وشخصيات أخرى كثيرة والقائمة الكاملة للشخصيات المرشّحة لنيل هذا الوسام من أغلب بلدان العالم، والمعروضة حاليا على التصويت العام على موقع متخصّص على الأنترنات وقع اختيارها بإتقان، وهي قائمة أوّلية تعد حوالي مائة شخصية لاختيار عدد محدود منها لنيل هذا الوسام الفخري بعد انتهاء مدّة التصويت المفتوحة للعموم والّتي بدأت يوم 5 ماي وتتواصل حتى يوم 15 جوان القادم...
ولكن ما لفت نظري هو خلو القائمة الأولية الموسعة للشخصيات المرشّحة لنيل الوسام، من أي شخصية تونسية وحتى مغاربية ... وهذا أمر غريب ومستفز...
ألا يوجد في تونس من بين الشخصيات السياسية والثقافية والأدبية والإعلامية والفنية والرياضية من هو مرشّح لنيل هذا الوسام الفخري.
ألم نتفق طويلا بأن تونس هي منطلق الرّبيع العربي ومهده؟
ألا تتناقض شعاراتنا المرفوعة مع خيارات الواقع الّذي يصدمنا في كلّ مرّة بأنّ شعاراتنا في وادي والواقع في وادي آخر؟
إن المسألة في اعتقادي على غاية من الأهمّية وتتجاوز حدود الحصول على هذا الوسام الفخري إلى ما هو أعمق وهو الاعتراف بكفاءاتنا أولا على المستوى الوطنى أو المحلّي.
فكيف نطلب من الغير أنّ يعترف بنا وأن يرشّح كفاءاتنا لنيل الأوسمة الفخرية العالمية، ونحن نعمل ليلا نهارا، على تقزيم هذه الكفاءات وإلصاق التهم بها من نوع "جماعة إعلام العار" و" أزلام النّظام السابق" و" فنّانو القصر" إلى غير ذلك من هذه النعوت.
ونحاسب كلّ موهبة متألّقة في بلادنا على أي تصرّف خاطئ يمكن أن يرتكبه أي واحد. ولا يوجد إنسان معصوم من الخطأ ولا نجد لها أي عذر.
إننا ندوس كلّ يوم على كفاءاتنا الوطنية، ونمعن في تشليكها والاستنقاص من قيمتها ولا نعلّي من قدرها أو من قيمتها.
وتحوّلت بعض منابرنا الإعلامية التلفزية والإذاعية إلى منابر لشتم الكفاءات الوطنية، بدعوى كونها أزلام النّظام السابق وجماعة إعلام العار، حتى لكأنّ تونس لم تكن لها دولة ولم يكن بها مبدعون في كل مجال !!!!
واختصّت بعض الجمعيات عندنا في شتم الناس والكفاءات، وإلصاق شتّى التهم بها باطلا وبهتانا وهو نوع من الإرهاب المسلّط على هذه الكفاءات بهدف إقصائها من الساحة حتى يخلو الجو لمن يدعون الثورية ويتشدّقون بشعارات لا حدّ لها ولا آخر.
ثم نتساءل بعد هذه لماذا لا يعترف الغير بنا ؟ لماذا لا توجد شخصية تونسية واحدة مرشّحة لنيل وسام التميّز العالمي سواء كانت شخصية سياسية أو رياضية أو فنّية أو ثقافية أو إعلامية؟
إننا مع الأسف الشديد، شعب لا يطمئن إلاّ عندما يدفن رموزه تحت التراب
................................................
*كاتب ومحلّل سياسي من تونس
 ومدير جريدة قمر نيوز

comments

أحدث أقدم