كتب اسامة حرشاني
صدر هذه الايام للكاتب والصحفي التونسي محمود حرشاني كتاب جديد يحمل عنوان // حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف // وقد جاء هذا الكتاب في275 صفحة من القطع المتوسط. عن منشورات موقع مرآة الوسط الثقافي.الكتاب هو ملخص لسيرة صحفي تونسي انطلق من المحلي كمراسل صحفي جهوي لاهم مؤسستين إعلاميتين وهما الاذاعة والتلفزة ووكالة تونس افريقيا للانباء. الى اخذ مكانته عن جدارة في المشهد الاعلامي الوطني والعربي كصحفي محترف ومعد ومقدم برامج اذاعية كثيرة وقارئ نشرات الأخبار.
خصص المؤلف الجزء الاول من كتابه للحديث عن ذكريات الطفولة ومرحلة الدراسة الابتدائية مستحضرا بأسلوب رشيق ما بقي راسخا في الذاكرة من ذكريات تلك المرحلة والتي تميزت بتفوقه في الدراسة رغم الظروف الصعبة وقطع مسافة طويلة لا تقل عن اربعة عشر كيلومتر يوميا من منزل عائلته الى المدرسة يقطعها صباحا على الاقدام ومساء عندما يعود الى منزلهم.
ويحدثنا عن ذكرياته مع معلمية ومع حارس المدرسة الذي كان يعد للتلاميذ وجبات الأكل.وعلافته بمعلميه ومدير المدرسة وزملائه.// كانت فترة من اخصب فترات حياتي ..احببت فيها الناس وبدات احس انني قادر على ان اكون متميزا عن الاخرين وادركت ان ذلك لا ياتي الا بالنجاح في دراستي//
لم تكن فرحتي بتسلمي اول شهادة شكر من مدير المدرسة في نهاية الثلاثي الاول من السنة الدراسية وانا في السنة الثالثة من التعليم الابتدائي تظاهيها فرحة اخرى. انطلقت مسرعا من المدرسة عائدا الى منزلنا لاقدم الشهادة لوالدي ووالدتي . وكاني اقول لهما ها قد تميزت وحصلت على شهادة التميز.كما يحدثنا الكاتب عن فرحته بنجاحه في السيزيام او مناظرة الدخول الى التعليم الثانوي // لقد نجحت ياجدي/ وهو يروي لنا قصة طريفة كيف ان احد زملائه لم ينجح ولكنه اشاع في القلرية انه الناجح الوحيد في المنطقة فما كان من الجد الا ان دفع حفيده للتثبت من الامر في المدرسة فاسرع الفتى ليعود بنفس السرعة ويفند الخبر الكاذب ويقول لجده // لقد نجحت يا جدي //
اما في فترة الصيف فقد كان مغرما بالاستماع الى الاذاعات ومراسلتها لكي ترسل له المجلات مما ولد لدية ذائقة اعلامية جعلته يقدم على تاسيس ناد لاصدقاء اذاعة برلين في منطقتهم وإصدار صحيفة كان يكتبها بخط اليد على ورق وزيري فيها اخبار القرية.كما يأخذنا الى ذكريات مرحلة الدراسة الثانوية وولعه بالصحافة حيث كان من ضمن اسرة تحرير المجلة الشهرية للمعهد والجريدة الاسبوعية التي تكتب على الورق المقوى وتعلق صباح كل يوم جمعة بلوحة المعلقات بساحة المدرسة.
اما الفصل الثاني من الكتاب فقد خصصه المؤلف للحديث عن بداية عمله الصحفي الرسمي واشتغاله كمراسل جهوي للإذاعة والتلفزة ووكالة تونس افريقيا للانباء واطاعة صفاقس كما يحدثنا عن لقائه الاول بالزعيم الحبيب بورقيبة وتقديمه للبرامج الثقافية بين يدي الزعيم وما خصه به الزعيم من عبارات التشجيع خاصة عندما قدم له العدد الأول من جريدته الجهوية مرآة الوسط.
كما يحدثنا الكاتب عن لقاءاته مع عدد من كبار المسؤولين وتغطيته أنشطتهم ومحاورتهم على غرار زيارات الوزير الأول الهادي نويرة والوزير الأول محمد مزالي
مما اكسبه دربة صحفية جعلت الاذاعة تعتمد عليه في تغطية أحداث كبرى داخلية وخارجية على غرار إيفاده لتغطية موسم الحج وهو مازال في البدايات وتقديم مراسلات من البقاع المقدسة حظي عند نهاية مهمته هذه بتكريم وزير الاعلام انذاك الشاذلي القليبي.
ويخصص الكاتب فصلا مطولا للحديث عن علاقته بالاذاعة الوطنية وتجربة البرنامج الاخباري عبر ولايات الجمهورية الذي استحدثته الاذاعة ليكون بمثابة النشرة الاخبارية اليومية لانشطة الولايات.كما يحدثنا عن تغطيته لاحداث وطنية كبرى مثل المؤتمر التصحيحي للاتحاد العام التونسي للشغل في افريل 1980 الذي انعقد بقفصة وكان مؤتمرا فاصلا بين مرحلتين في تاريخ المنظمة الشغيلة .
كما يحدثنا الكاتب عن تغطيته لما يعرف باحداث قفصة والقاء القبض على بعض عناصر المجموعة بعد تحصنها بالفرار.وهي لحظات صعبة عاشها الكاتب وهو ينقل الاخبار الى الاذاعة الوطنية // كانت لحظات صعبة في حياتي وانا اتابع تحصن احد عناصر مجموعة الهجوم على قفصة باحد المنازل القديمة وبين الحين والاخر وكلما اشتد عليه الحصار يطلق العنانلما كان بين يديه من سلاح فيدخل ذلك نوعا من الرهبة والخوف ويتراجهع الجميع/ وتنطلق مضخمات الصوت سلم نفسك قبل ان نسقط عليك المنزل..
.ومن جهة اخرى يخصص الكاتب فصلا مهما عن علاقته بوكالة تونس افريقيا للانباء والتي استمرت لاكثر من ثلاثين سنة واكب خلالها احداثا كبرى كانت تقوم بتغطيتها الوكالة عن طريق ما كان يقدمه من مراسلات. كما كلفته الوكالة بتغطيات أحداث كبرى مثل زيارات الوزراء الأول والملتقيات والندوات.
.دخلت وكالة الانباء شابا صغيرا صفر التجربة الا من بعض الحماس الفياض ولكن بسرعة تاقلمت مع طريقة تحرير الاخبار التي تعتمدها الوكالة وخاصة منها التركيز على جوهر الخبر وعدم الاطالة وتلافي الزوائد التي تفسد الخبر. تعلمت على يد صحافيين كبار امثال كامل مبارك ومحمد بن صالح والبشير طوال وعلى الجراية وغيرهم.. وبسرعة اصبحت الوكالة تعتمد على في تغطية احداث كبرى وليس فقط المتابعات الاخبارية اليومية ورغم انني لم اكن مترسما وكنت اتعامل بالقطعة بصفتي متعاون خارجي فقد اكتسبت تجربة كبيرة في تحرير الاخبار الوكالاتية ساعدتني على النجاح في عملي الصحافة ورشحتني الى ان اشغل خطة اول مدير لمكتب الوكالة بسيدي بوزيد.
.ونجد في الكتاب فصلا مهما عن علاقة الكاتب بالصحافة المكتوبة وخاصة مجلات تونس الخضراء والاذاعة والمراة وجرائد الرأي العام والحرية
اما الفصل الأهم في الكتاب فهو الذي خصصه للحديث عن تجربته في الصحافة الجهوية من خلال مجلة مرآة الوسط التي اصدرها سنة 1981 واستمرت في الصدور لمدة تزيد عن الثلاثين سنة كانت خلالها هذه المجلة عنوانا بارزا في الصحافة التونسية وخاصة منها الجهوية.ويختم المؤلف كتابه الذي أعطاه منذ البداية صبغة سيرة ومذكرات بالحديث عن تجربته مع الصحافة العربية مثل علاقته بمجلات العربي والفيصل والمنهل والسمراء وراي اليوم وعالم الفن. خضت تجربة مهمة مع الصحافة العربية وخاصة مجلات العربي والفيصل ونشرت بهذه الاخيرة مجموعة من الاستطلاعات المصورة حول المدن التونسية مثل قفصة وقابس وقموةد او سيدي بوزيد اما في مجلة العربي فقد عشت تجربة من احلى تجارب حياتي. ان اكون مراسلا لمجلة العربي فذلك فخر لا يظاهيه اي فخر اخر.
كما عشت تجربة مهمة مع مجلة السمراء السودانية لصاحبتها الشاعرة السودانية الكبيرة روضة الحاج..وقد تم اعتمادي رسميا مديرا لمكتب المجلة في تونس.
كتاب// حياتي في الصحافة الى الاحتراف // للكاتب والصحفي محمود حرشاني يتجاوز في أهميته كونه حديثا عن تجربة ذاتية حفر صاحبها في الصخر بأظافره من اجل ان يحقق ما كان يصبو اليه في عالم الصحافة الى اعتباره مرجعا ووثيقة عن نضال جيل كامل من الصحافيين الذين أخلصوا ولا يزالون لهذه المهنة رغم متاعبها الكثيرة .
ابو ابراهيم اسامة حرشاني
إرسال تعليق