الكاتب محمود حرشاني
خرج أنور من قصر قرطاج بعد أن انتهى موكب التكريم الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية شخصيا، مزهوا.... أحس أن الدنيالا تسعه، فهذا الوسام الرفيع الذي حصل عليه ومنحه إياه رئيس الجمهورية بإسم الشعب فيه اعتراف بما بذله من جهود طيلة عقود.. وأنه بمثابة رد الاعتبار له على كل ما لحقه من غبن وظلم.. وها إن الاعتراف بقيمة ما بذله من جهد يأتي من رئيس الجمهورية شخصيا.. في لحظة يتمنى كل إنسان أن يعيشها.. لحظة أنسته كل تعب السنين.. هو الآن يقف شامخا ورئيس الجمهورية يزين عنقه بأرفع أوسمة الدولة والقاعة تضج بتصفيق الحاضرين من الوزراء وضيوف الرئيس والمدعوين للموكب من أهل الثقافة والاعلام والفن. أي لحظة هذه التي يعيشها..تغيب كل كلمات الوصف ولا تجد العبارة المناسبة....
. خارج القاعة بعد ان انتهى الموكب كان يتلقى تهاني الأصدقاء والزملاء.. شعر للحظة أن هناك شخصا مهما في حياته تمنى أن يكون حاضرا وموجودا في تلك اللحظة ليهديه الوسام الرفيع الذي منحه له رئيس الجمهورية.. ولكن هذا الرجل كان قد غاب عن الدنيا منذ ثالث سنوات.. أمنية كل إنسان أن يهدي نجاحه إلى أبيه.. فهو الأحق والأجدر بكل نجاح... تمنى أن يقطع المسافة جريا على قدميه من قصر قرطاج إلى قريتهم البعيدة ويضع بين يدي والده الوسام الرفيع الذي حصل عليه.. تماما كما فعلها عندما تسلم أول شهادة تقدير في حياته عندما كان تلميذا بالمدرسة الابتدائية من مدير المدرسة في نهاية الثلاثي الأول ، فقرر ان لا يتوقف عن الجري من المدرسة إلى دارهم رغم طول المسافة ليسلم إلى والده الشهادة التي تحصل عليها، فيدخل على قلبه الفرحة..
في ذلك الوقت كان والده موجودا ووالدته كذلك التي أطلقت زغرودة كبيرة فرحا بتفوق ابنها.. فاجتمع الأقارب من عماته وخالاته.. أما اليوم لمن يسلم الوسام وشهادة الوسام الممهورة بإمضاء رئيس الجمهورية....
تذكر زوجته التي وقفت إلى جانبه وكانت تشد من أزره رغم أنها كانت تشفق عليه من التعب...
كما تذكر أولئك الأوباش والأوغاد والسفلة الذين كانوا يسعون إلى تحطيمه.. هو يعرفهم واحدا واحدا، ويعرف أن أغلبهم عاجز حتى عن كتابة رسالة خالية من الأخطاء اللغوية والنحوية، وهم يختفون وراء قناع المعارضة المزيف لتشويه كل من يعمل ويبذل جهدا. آه.. أيتها الكلاب المسعورة، أنت أيها النتن لو كنت تعلم حقيقتك ما تجرأت على أن تتطاول على أسيادك.. هل نسيت ماضيك الأسود أيها العفن.. أتخالني نسيت يوم حاولت ثني الوزير على القدوم للإشراف على افتتاح المهرجان.. وأنت أيها النتن الآخر اتظن أنك بادعائك الثورجية المزيفة سينسى ذلك الناس في ماضيك العفن
.. أنت أيها الوغد، هل نسيت ماضيك القذر.. سوف يأتي يوم تفتح فيه ملفات الجميع.. ولن يكون هذا اليوم بعيدا.. عندها سيكون ذلك اليوم هو اليوم الذي وعد فيه هللا الصادقين حيث قال في محكم تنزيله، هذا يوم ينفع فيه الصادقون صدقهم.. وأنتم أيها الأوغاد لم تكونوا أبدا يوما من الصادقين، بل أنكم انتهازيون وسفلة، لم يسلم منكم أحدا..
تمنى أن يرمي الوسام في وجه ذلك الوغد، ويقول له ما قاله حمزة "ردها علي ان استطعت" في كل محفل كلن يعمل على تشويهه، هو ومجموعة من السفلة يعتقدون أنهم أوصياء على المدينة وعلى التاريخ.. وكان مستغرقا في التفكير ولم ينتبه الى صديقه طارق يربت على كتفيه ...
ما ازل الجميع في ساحة قصر قرطاج يتبادلون التهاني والأحاديث. وبعضهم يسترجع الذكريات .. قطع عليه صديقه طارق حبل التفكير بعد أن ارتمى عليه يهنئه بالتكريم و بالوسام.. وخارج القصر كانت الحافلات في انتظار المدعوين للعودة بهم إلى مقر وزارة الشؤون الثقافية ومن هناك سيأخذ كل واحد طريقه نحو الوجهة التي يريدها.. من الحافلة العائدة بهم إلى مقر الوزارة، فتح هاتفه وخاطب زوجته ليزف لها الخبر السعيد..
إرسال تعليق