قراءة في كتاب رسائل الحرشاني



رسائل لا تحتمل الاختفاء وثائق تاريخية نادرة لمرحلة مضيئة فى ومسيرة

الكاتب والاعلامي محمود الحرشاني




بقلم عبد العزيز الهمامى




كاتب المقال

صورة ‏‎Mahmoud Horchani‎‏.


الكاتب والصحفي صاحب الكتاب

محمود الحرشاني







رسائل لا تحتمل الاختفاء هى عنوان الكتاب الصادر مؤخرا للاعلامى والكاتب محمود الحرشانى فى تسعين صفحة من الحجم المتوسط وقدتلقيت باعتزاز نسخة من هذا الكتاب الذي جذبنى شكله ومحتواه لاول وهلة فتعجلت قراءته والاطلاع عليه من اجل بلوغ مراميه والانعطاف على مكامن القوة فيه وادراك ما اراد المؤلف ان يصل اليه من خلال ما اورده فى كتابه من رسائل جاءت على السنة عدد من الشخصيات الادبية والسياسية الى جانب بعض مكونات المجتمع المدنى واعتقد شخصيا انه ليس من السهل ان يجمع الانسان مثل هذه الرسائل التى ظلت فى فترات زمنية متباعدة مختباة فى ثنايا الملفات والرفوف وربما ايضا كانت مبعثرة هنا وهناك فالمؤلف كان ذكيا فهو يعرف جيدا القيمة الفكرية لهذه الرسائل حيث بقي محتفظا بها حتى حان الوقت لنشرها والتعريف بمزاياها وبابعادها العميقة كما ان المضمون الادبى والسياسى لهذا المصنف حمل ما حمل من المفردات والقيم والمعانى والافكار العابقة بروح التجاوب والصدق والمحبة والوفاء والتشجيع علاوة على ما تميز به من طرافة وثراء وتنوع كذلك دون ان نغفل عن عبارات الثناء التي لا تشمل فى واقع الامر محمود الحرشانى الكاتب والاعلامى فهو قيمة ثقافية وصحفية معروفة فى المشهد الوطنى ولكنهاتستهدف بالذات السمات الادبية البارزة ومظاهر الحماس التى ميزت هذا الرجل الصديق الذى عرفته منذ اكثر من ثلاثة عقود عندما كنا نلتقى فى الندوات والدورات التكوينية الاعلامية الوطنية بتونس العاصمة وكان الحرشانى اكثر المراسلين حيوية ونشاطا وحركة ولئن اخذ الكاتب والروائى عبد القادر بن الحاج نصر ومؤسسة جائزة عبد العزيز البابطين للابداع الشعري الجزء الاوفر من الرسائل المدرجة بالكتاب الا ان مجمل النصوص كانت جميعها رفيعة المستوى تقدر قيمة المبدع فى الحياة وتثنى عليه وتعطيه الشحنة المعنوية التى تحفزه على مواصلة الجهد والابداع لا ان تكبح جماحه وتغض عنه الطرف لتضعه فى نفق جديد من الغربة النفسية كالتى عشناها بعد الثورةحيث تفاقمت الازمات وشعرنا فى معظم الاحيان بخيبة امل كبيرة جعلت كثيرا من المثقفين فى دائرة الاقصاء والنسيان والتهميش فرجل الفكر اصبح مشلولا لا يمكنه ان يكون مزهرا او يانعا الا بعد الموت ولا شك فان ما استنتجته من هذه الرسائل هو انها جاءت مشفرة فى يقينى حتى تدفعنا دفعا الى استخدام المفاتيح لفك شفرتها وان كانت واضحة والاستفادة من مضامينها وتقنياتها لغة واصطلاحا واستجلاء جوهر العلاقات الفكرية التى تنخرط ضمن فن التراسل والتحاور الثنائى فى ارقى واجمل معانيه فالرسائل المتبادلة مع محمود الحرشانى لم تعد رسائل عادية وحميمية خاصة بقدر ما اصبحت تشكل فى مفهومها وثائق تاريخية نادرة لن ينطفا بريقها ولا يخبو توهجها ولا يمكن للزمن ان يمحوها لقد نجح المؤلف بتفوق فىهذه المهمة الصعبة و ابراز هذه المرحلة المضيئة فى حياته وفى هذا الوقت بالذات الذى ينبغي للمثقف ان يخوض فيه بكل قواه ليثبت ذاته ويفرض مواهبه خصوصا فى ظل هذا الصراع الايديولوجى الذى يعصف بالبلاد ويلتهمها التهاما فتحية تقدير واعجاب لمدير ومؤسس مجلة مراة الوسط الكاتب القدير محمود على رسائله واهتماماته الادبية والاعلامية وعلى انتاجه الفكرى الغزير داخل البلاد وخارجها وهو انتاج مافتئ يساهم بشكل او باخر فى اثراء الفكر المعتدل والمتفتح الذى ينفع الناس ويبنى ولا يهدم ومن حق الناقد ان يخرج بما يكتبه الحرشانى الى النور حتى يظل اكثر وضوحا وصفاء مثل هذه الرسائل المهمة الت لا يمكن باية حال من الاحوال ان تحتمل الاختفاء


عبد العزيز الهمامى







شاعر وصحفي

comments

أحدث أقدم