حياتي في الصحافة....من الهواية إلى الاحتراف.... أسست مجلة مرآة الوسط...وليس في جيبي مليم واحد...

حياتي في الصحافة....من الهواية إلى الاحتراف....

أسست مجلة مرآة الوسط...وليس في جيبي مليم واحد...

بقلم: محمود الحرشاني


مرآة الوسط


الكاتب محمود الحرشاني

اقترنت فترة هامة من حياتي بمجلة مرآة الوسط... واني اعتبرها المشروع الأهم الذي حققته في حياتي، وحققت من خلاله طموحي في أن أمارس عشقي وحبي للصحافة كما أريد... وقد صدرت مرآة الوسط في بداياتها كجريدة جهوية في ستة عشر صفحة وكانت تطبع لمطبعة شمس الجنوب بصفاقس بدعم من الصديق علي البقلوطي صاحب المطبعة، ثم انتقلت بها إلى العاصمة لتتقمص لمدة سنة ونصف حجم التابلويد وكانت تصدر كجريدة شهرية تهتم بأخبار ولايات الوسط والجنوب مع الاهتمام بالقضايا والمسائل الثقافية والمتابعات السياسية.
وقد جربنا تجربة الصدور باللغتين العربية والفرنسية وكان يشرف على القسم الفرنسي للجريدة الصديق مصطفى علوي، في حين أتولى أنا الإشراف على القسم العربي واستطعنا أن نكون أسرة تحرير صغيرة للجريدة حيث كان معنا خاصة الأصدقاء علي العكروتي والمولدي القاسمي وحسين الغابري وتوفيق احمد كمراسل للجريدة من قفصة ....واستطعنا رغم عديد الصعوبات أن نحافظ على نسق صدور الجريدة ولو مرة في الشهر...
وأدركت بعد تجربة خمس سنوات، أن صدور مرآة الوسط في شكل جريدة شهرية لا يمكن أن يحقق النتائج المرجوة منه، ولا يمكن للجريدة من اخذ مكانتها في المشهد الإعلامي والصحفي، فقررت أن أحولها إلى مجلة شهرية بداية من جانفي 1990.
واخترت لها مجموعة من الأصدقاء ليشكلوا نواة أسرة التحرير القارة في هذه الانطلاقة الجديدة، بعد أن اكترينا لها مقرا خاصا بعمارة دبش سيدي بوزيد. ومن ابرز الزملاء الذين كانوا معي في هذه المرحلة أذكر الكاتب محفوظ الزعيبي و فريد هاني والجيلاني الفيتوري الذي تكفل بقسم الرياضة  لمدة محدودة ورياض خليف للثقافة و نجم الدين حمدوني وعبد السلام شعيبي وسوار عمايدية ورضا الفاهم من إذاعة قفصة، ثم توسعت الأسرة شيئا فشيئا بانضمام زملاء جدد مثل الحبيب الهدار والسيدة القايدمن اذاعة صفاقس  و رابح الفجاري والجيلاني البدوي من إذاعة المنستير. و حذام عيساوي من الاذاعة الوطنية
واستطاعت مجلة مرآة الوسط ان تكسب مكانتها بسرعة في الساحة الإعلامية وأصبح الناس ينتظرون صدورها...وبدأ البريد يتهاطل علينا من كافة الجهات حاملا الينا العديد من المساهمات من الأصدقاء حتى أننا أصبحنا نؤجل النشر لمدة طويلة لتلبية كل الطلبات التي تأتينا من المراسلين...
وبعد تجربة قصيرة في مطبعة شمس الجنوب بصفاقس وأخرى في مطبعة صبرة بالقيروان، أصبحنا نطبع المجلة في المطبعة العصرية  العاصمة، وأصبحت المجلة تصدر بالألوان، خصوصا بعد أن تحسنت ظروفنا المادية نتيجة المنحة السنوية التي كانت تتلقاها المجلة من الدولة كبقية المجلات والصحف الجهوية الأخرى، ونصيب المجلة من الإشهار العمومي ودعم وزارة الثقافة من خلال الاشتراكات للمؤسسات التابعة لها. وسمح لنا هذا بالتعاون مع عدد من الكتاب  الجدد مثل الزميل صغير الغربي الذي تكفل بتحرير الركن العلمي والزميل عبد العزيز الشباب  
وفي كل مرحلة من المراحل التي مرت بها المجلة، كان هناك أصدقاء جدد ينضمون إلى أسرة التحرير ويغادرها آخرون أيضا...ولكن الزميل الوحيد الذي بقي كاتبا معنا منذ العدد الأول هو الزميل محفوظ الزعيبي.
واشهد أن الزميل والصديق محفوظ الزعيبي خص المجلة بأروع ما أبدعه قلمه السيال من قصص قصيرة ومقالات ثقافية وبحوث تاريخية، كما انضم إلينا وأمتعنا بمقالاته الصديق عبد السلام بن سوف. ومثلما قلت، اكتسبت المجلة مكانتها المميزة في الساحة الثقافية والإعلامية وحظيت بالتكريم الرئاسي في شخص مديرها في عديد المناسبات. كما أصبحت المجلة تدعى إلى عديد الندوات والمهرجانات الثقافية والأدبية في تونس والعالم العربي...
كما شكلت تجربة المجلة محاور لبحوث تخرج جامعي أنجزها طلبة معهد الصحافة وعلوم الإخبار والمعهد الأعلى للتنشيط الثقافي والشبابي وحتى في الخارج في جامعة تولوز.الفرنسية..
اختارت مجلة مرآة الوسط منذ البداية أن تكون مجلة وطنية، لا تنحاز إلا لتونس ولم نشأ أن نكون مجلة تغرد خارج السرب وقد جلب لنا هذا بعض المتاعب، واعتبرنا البعض مجلة موالية، وهي تهمة لا ننكرها وشرف لا ندعيه.... فولاؤنا كان لتونس وشعبها وقد استطاعت مجلة مرآة الوسط أن تحافظ على نسق صدورها الشهري لمدة 32 سنة لتكون بذلك من انجح التجارب التي عمرت طويلا في مجال الصحافة الجهوية في تونس. بعد ان انطلقنا في اصدار عددها الاول يوم 25 ماي 1981 بمساعدة بسيطة من ديوان تنمية الوسط الغربي بقيمة 500 دينار سمحت لنا باصدار عددين من الجريدة في بداياتها .وقد كنت دائما اقول انني اسست مرآة الوسط وليس في جيبي مليم واحد ولم اكن اعلم انها ستستمر كل هذه السنين  رغم كل ما واجهناه من احباطات وانكسارات .واذكر الان اننا لم نكن نسلم حتى من تهكم البعض الذين يعادون النجتح ولا يعترفون بالاصرار يصنع المستحيل وان الدوام ينقب الرخام كما كان يقول الزعيم بورقيبة رحمه الله
---------------------------------------------..
للتفاعل مع هذه الحلقة...الهاتف 98.417.729

comments

أحدث أقدم