أنا مثلك تعبت يا صديقي ورميت المنديل //مقال الاستاد محمود حرشاني


مقال في شكل رسالة الى الاعلامي الكبير صالح الحاجة
مؤسس جريدة الصريح  حول الواقع المتردي للصحافة العربية المكتوبة اليوم

الصديق والزميل العزيز صالح الحاجّة
مؤسس الصريح الغراء
*بقلم محمود الحرشاني

صورة ‏‎Mahmoud Al Horchani‎‏.

أنا مثلك تعبت يا صديقي ورميت المنديل
صديقي العزيز قرأت بانتباه بطاقتكم الأنيقة في الصريح الغرّاء ليوم الخمسي 18 جويلية 2013، والتي كانت بعنوان "الصحافة العربية... باع وروّح...// ولقد اثار ما كتبتموه شجوني وزاد في حزني الذي يلازمني منذ مدّة بسبب ما أشعر من قهر وحسرة على واقع الصحافة العربية اليوم... وأسمح لي ان اتناول الموضوع من زاوية خاصّة جدّا ... وهي زاوية معاناة اصحاب الصحف الجهوية وأنا واحد منهم فاذا كانت الصحف والمجلاّت التي تصدر في العواصم تعيش هذه الضائقة المالية اليوم... وتختفي بسببها هذه الصحف والمجلاّت واحدة بعد أخرى و  أخرها صحيفة ا //لعرب اليوم  // الاردنية التي اعرفها وكتبت فيها ... فان مأساة الصحافة الجهوية في الوطن العربي وخصوصا في بلادنا  تونس اشدّ وأعمق ...
ان أصحاب هذه الصحف يعيشون مسلسلا يوميا من العداب ودمار الأعصاب وتشتت الذهن بين الحرص على ضمان جودة مضمون صحفهم والسعي الى توفير المدخول اليومي المادّي، لمواجهة نفقات الطباعة والورق وخلاص المحرّرين والكتاب.
وشخصيا اصدقك القول انني اشرفت في احيان كبيرة على الهلاك، ودمار الأعصاب بسبب حرصي الجنوني  على بقاء مشروع نذرت له كل حياتي. وهو ضمان الاستمرار لمجلّة مرآة  الوسط التي تصدر انطلاقا من سيدي بوزيد لم اعرف . طعم الراحة  كما يعرفها غيري... كلّ أيامي جري ولهاث وراء ضمان استمرارية هذه المجلّة، وحمايتها من الاندثار مند ان صدر عددها الاول في 25 ماي 1981 .... قتحوّلت حياتي الى جحيم دائم، ولا احد يشعر بهذا. بل العكس ... الكثيرون يحسدونك ويحسبون لك من خيالهم  ويقولون في قرارة انفسهم . لقد اصبح ثريا وصحاب ارصدة ويلعب بالفلوس لعبان...
وما دروا يا صديقي انّنا وقفنا اكثر من مرّة أمام المحاكم بسبب الشيكات بدون رصيد ...لأنّ المطابع لا ترحم ... واضطررت شخصيا الى بيع بعض ما خلّفه لي والدي من نصيبي من الارث في الأرض لتمويل صدور بعض اعداد مجلّة مرآة الوسط والأنكى والأمر انّك لا تجد من يفهمك ولا من يقدّم لك يد المساعدة.
هل تعلم يا صديقي انّني منذ سنة اسعى الى الحصول على موعد مع وزير الثقافة الحالي المهدي المبروك وأرسلت له عديد البرقيات والفاكسووات ولكنّه تهرّب منّي وربّما رفض مقابلتي. وانا كما تعلم لست وافدا جديدا على الساحة الصحفية والاعلامية ولا على الساحة الثقافية والادبية ولي فيهما رصيد مكلل بالجوائز والاوسمة
هل تعلم يا صديقي ان الحكومة الحالية لا تقدّم اي دعم للصحافة الجهوية ...بل انها قطعت المنحة السنوية التي كانت تتلقّاها الصحف والمجلاّت الجهوية من الدولة ، لعدّة سنوات في عهد بن على وهل تعلم يا صديقي انه بسبب اضطراب سوق الإشهار لم نعد كصحف جهوية تحصل على الاشهار العمومي.// لم تعد نكفي نقاط الاستفهام ..//
ومع ذلك ورغم كل هذه الصعوبات ... أمنت شخصيا بأن لي رسالة والصحافة رسالة أو لا تكون ولكن هذه الرسالة كلّفتني الكثير من اعصابي وصحّتي... هل تعلم يا صديقي ان رصيد مجلّة مرآة الوسط الآن في الحساب الجاري هو ديناران لا غير... ولنا ديون في المطبعة تنتظر الخلاص... هل بهذا نشجّع الشباب  والوافدين الجدد على القطاع على الاستثمار في الصحافة الجهوية والصحافة عموما.
لقد تعبت يا صديقي ... وأعلنت أكثر من مرّة ان قرّرت ان أتوقّف على التمادي في هذه المغامرة الفاشلة ... ولكن "دودة" الصحافة هي التي تجعلني أبدأ من جديد ... ولكن الآن أعلمك يا صديقي انّني رميت المنديل، وانهزمت فلا طائل لي ولا قدرة لي عل الصمود اكثر  في زمن لا يرحم وتموت فيه الصحف والمجلات واقفة كاشجارالسرول
... وأسلم لأخيك.
محمود حرشاني




*كاتب ومحلّل سياسي ومدير مجلّة قمر نيوز


1 تعليقات


  1. ‏‎Nemr Rida‎‏ , ‏‎Fatma Ben Mahmoud‎‏ و ‏‎Fathia Kammoun‎‏ معجبون بهذا

    Fatma Ben Mahmoud تحية لك ايها الكبير ..
    منذ 5 ساعات · إلغاء إعجابي · 1

    Fathia Kammoun · 22 صديقا مشتركا
    تحية تقدير واحترام للصحفي الممتاز " صالح الحاجة"
    منذ 4 ساعات · أعجبني

    Mahmoud Horchani يكبر قدرك اختي فاطمة..شكرا لك انت ايضا استادة واديبة كبيرة في مجالك على فكرة. لاحظن اتك مرايلة مجلة الامارات الثقافية من تونس . اراه اختيارا موفقا . الف مبروك
    منذ 3 ساعات · أعجبني

    Mahmoud Horchani الاخت فتحية انا معك في توجيه التحية الى الزميل صالح الحاجو
    منذ 3 ساعات · أعجبني

    Rabeb Rabouba سي محمود و سي صالح قامات هامة في الصحافة التونسية ....مقال ..و نضال هذه هي مسيرة الابطال ...بعد ان تكونت من قراءة مقالاتكم و الفضل يرجع لكم في قدرتي على الكتابة لا يسعني الا ان اقول شكرا
    منذ 2 ساعات · إلغاء إعجابي · 1

    Mahmoud Horchani شكرا رباب .انت صيادة ماهرة في دنيا الافكار . انت مسنقبل الطتابة في تونس واصم على هدا وتفكروني بعد سنوات .انت غادة سمان تونس في قادم الايام وسكينة فؤاد وليلى العثمان واحلام مستغانمي . هده شهادتي للناريخ المستقبل كله امامك
    منذ 2 ساعات · أعجبني · 1

    Nemr Rida الزميل صالح الحاجة قيمة ثابتة و مازلت اتذكر اعماله الرائعة مع جريدة الصدى الاسبوعية التي و يا للأسف توقفت هكذا دون سبب مقنع و قتها كانت للصحافة جهوية قدرها العالي فكنا نكتب فيها بتعب و حب و لمقالاتي نصيب الأسد ، حتى و انا في الصين البعيدة امد الجريدة بكل جديد و كم كان اخي صالح رائعا مبدعا يعطي للكلمة قيمتها و رونقها . فأين هم كتاب الأمس؟ و اين نحن من كتاب اليوم ؟ كانت اسماء مضيئة في عالم الصحافة امثال الفلسطيني أحمد دحبور و غيره شكرا للزميل محمود الحرشاني على هذا الطرح الذي شدني لذكريات حلوة قضيناه معا بحلوها و مرها ايام زمن نقي ليس فيه تخديم مخ و لكن بقيت سعيدا ببقاء بطاقة الزميل صالح ....و بنافذة الزميل محمد الحبيب السلامي و هو الذي يحب ان يفهم دائما و نحن أيضا ....
    منذ 5 دقائق · تم تعديل · أعجبني · 1

    ردحذف

إرسال تعليق

أحدث أقدم