لماذا احب الناس شكري بلعيد
بقلم
محمود حرشاني
رئيس تحرير قمر نيوز
لا تربطني بالراحل الشهيد شكري بلعيد. لا علاقة صداقة ولا علاقة زمالة ولم التق به يوما في حياتي..ولكن اقول بصدق.. ان خبراغتيله وانا استمع اليه لاول مرة عبر اذاعة شمس اف ام صباح الاربعاء الفارط . قد هزني هزا.... وكأن الرجل من عائلتي او احد اقاربي ...وبدون وعي مني لم اجد صدا لدموعي... واصدقكم القول ان هذا الشعور لم اشعر به الا عندما تلقيت ذات فجر خبر وفاة والدي رحمه الله ..نعم ..اقول هذا ..واشهد الله على ذلك..وبقيت على هذه الحالة طيلة الايام الثلاثة الماضية ..وكانت الدموع تنهمر من عيني كلما مررت احدى القنوات مقطعا من تدخلات سابقة للشهيد شكري بلعيد ..لقد كنت معجبا شديد الاعجاب بتدخلاته في الملفات والنابر التلفزية ....فقد كان رحمه الله يتمتع بحضور تلفزي طاغ ..وقدرة على بسط ارائه والتعبير عن مواقفه في سلاسة وتسلسل افكار غريب. قل ان تجده عند غيره ...وربما كانت هذه الموهبة التي كان يتمتع بها هي احدى الجوانب التي جلبت له الاحترام والتقدير.. وبالمعنى الاتصالي.** الشعبية اوالجماهيرية **وهو ما رايناه في ابلغ صورة وادق تعبير في الحشود التي حضرت بالالاف منذ الصباح الى مقبرة الجلاز بالعاصمة لحضور موكب الدفن او السير وراء الجنازة الوطنية التي نظمت له على امتداد عشرات الكيلمترات. من جبل الجلود الى مقبرة الجلاز .. وهي جنازة لم تعرف لها تونس مثيلا في تاريخها . وذكرتني شخصيا بجنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وجنازة سيدة الغناء العربي ام كلثوم ...
لقد احس الناس في كافة المدن والقرى.. ان شكري بلعيد يتكلم بلسانهم ويعبر عن مشاغلهم ويدافع عن قضاياهم اليومية لذلك احبوه....كان يدافع عن الزوالي والمحروم والموقوف والمعذب تحت الايقاف . وكان يفضح كل الممارسات في غير خوف ويشير الى مواطن الضعف والخلل بكل شجاعة. ..لا يهاب خصومه .ولا يخافهم وكان قوي الحجة.لا يهادن ولا يعرف المواربة ..لذلك احبه الناس.وشخصيا.. وحتى اكون صادقا مع نفسي.. كنت في البداية استثقل حضوره ولكن شئيا فشئيا اصبحت احد المعجبين بتدخلاته الرشيقة في القنوات التلفزية .وكنت ارى فيه الفنان قبل السياسي....واعتقد ان اسلوب شكري بلعيد في الخطابة وطريقة تدخلاته في التلفزة يمكن ان يقع تناولها بالدرس من قبل طلبة معهد الصحافة وعلوم الاخبار في التواصل الجماهيري....
لقد دخل الزعيم بورقيبة قلوب الناس بما كان يتمتع به من ملكة خطابية وقدرة على الاقناع والابهار وقوة حجة وهي نفس العناصر التي كنت اجدها في تدخلات شكري بلعيد رحمه الله . واكثر من هذا كان الرجل عف اللسان اي انه لا يلتجا الى فاموس البذاءة اللغوية ليستعين به .مثلما يفعل الكثير من السياسيين الجدد عندما تعوزهم الحجة فيبتجؤون الى لغة الشحن البغضاء والاقصاء ... حتى تحولت بعض المنابر التلفزية الى حلقات خصومات نساء في الحمام .. دون احترام للمشاهد او المتلقي . او لم يقل احد نواب المجلس التاسيسي للسيد الباجي قائد السبسي مباشرة على الهواء في ملف تلفزي ..// هذا شايب خرف يلزمو يشد دارو // واضاف في لحظة غضب تكشف ما في اعماقه // هاو جاي قانون الاقصاء توى انورولك ..يعني بالعربية الفصحى ها ان قانون الاقصاء قريبا ستتم المصادقة علية وستكون اول من يطبق عليه //..
نعم الى هذا الحد انحدر مستوى السياسيين الجدد في النابر التلفزية ثم بعد ذلك نتساءل من اين جاء العنف..والحقيقة ان شكري بلعيد لم ينزل الى هذا المستوى وكان عفيف اللسان يختار كلماته التي يقولها رغم ما كان يتعرض له من استفزاز..
لذلك احب الناس شكري بلعيد واصبحت كل جهة تعتبره ابنها الذي يدافع عن قضايا ابنائها.وهو ما ظهر بوضوح في الجنازات الرسمية التي انتظمت له في عديد الولايات وخرج خلفها الالاف من المشييعين في كل ولاية. ..لقد ظهرت في المنابر التلفزية بعد الثورة مئات الوجوه ولكنها كلها سقطت من ذاكرة المشاهد . ولم يعد يذكر منها اي وجه ما عدا القلة القليلة .. وشكري بلعيد رحمه الله .. كان واحدا من هؤلاء القلة ..ارتسم في ذاكرة المشاهد ..وعندما استشهد احس بفقده... لقد كان الشهيد شكري بلعيد رجلا والرجال قليل ... رحمه الله رحمة واسعة ورزق اهله وذويه و عائلته جميل الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
....................
كاتب واعلامي من تونس
بقلم
محمود حرشاني
رئيس تحرير قمر نيوز
لا تربطني بالراحل الشهيد شكري بلعيد. لا علاقة صداقة ولا علاقة زمالة ولم التق به يوما في حياتي..ولكن اقول بصدق.. ان خبراغتيله وانا استمع اليه لاول مرة عبر اذاعة شمس اف ام صباح الاربعاء الفارط . قد هزني هزا.... وكأن الرجل من عائلتي او احد اقاربي ...وبدون وعي مني لم اجد صدا لدموعي... واصدقكم القول ان هذا الشعور لم اشعر به الا عندما تلقيت ذات فجر خبر وفاة والدي رحمه الله ..نعم ..اقول هذا ..واشهد الله على ذلك..وبقيت على هذه الحالة طيلة الايام الثلاثة الماضية ..وكانت الدموع تنهمر من عيني كلما مررت احدى القنوات مقطعا من تدخلات سابقة للشهيد شكري بلعيد ..لقد كنت معجبا شديد الاعجاب بتدخلاته في الملفات والنابر التلفزية ....فقد كان رحمه الله يتمتع بحضور تلفزي طاغ ..وقدرة على بسط ارائه والتعبير عن مواقفه في سلاسة وتسلسل افكار غريب. قل ان تجده عند غيره ...وربما كانت هذه الموهبة التي كان يتمتع بها هي احدى الجوانب التي جلبت له الاحترام والتقدير.. وبالمعنى الاتصالي.** الشعبية اوالجماهيرية **وهو ما رايناه في ابلغ صورة وادق تعبير في الحشود التي حضرت بالالاف منذ الصباح الى مقبرة الجلاز بالعاصمة لحضور موكب الدفن او السير وراء الجنازة الوطنية التي نظمت له على امتداد عشرات الكيلمترات. من جبل الجلود الى مقبرة الجلاز .. وهي جنازة لم تعرف لها تونس مثيلا في تاريخها . وذكرتني شخصيا بجنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وجنازة سيدة الغناء العربي ام كلثوم ...
لقد احس الناس في كافة المدن والقرى.. ان شكري بلعيد يتكلم بلسانهم ويعبر عن مشاغلهم ويدافع عن قضاياهم اليومية لذلك احبوه....كان يدافع عن الزوالي والمحروم والموقوف والمعذب تحت الايقاف . وكان يفضح كل الممارسات في غير خوف ويشير الى مواطن الضعف والخلل بكل شجاعة. ..لا يهاب خصومه .ولا يخافهم وكان قوي الحجة.لا يهادن ولا يعرف المواربة ..لذلك احبه الناس.وشخصيا.. وحتى اكون صادقا مع نفسي.. كنت في البداية استثقل حضوره ولكن شئيا فشئيا اصبحت احد المعجبين بتدخلاته الرشيقة في القنوات التلفزية .وكنت ارى فيه الفنان قبل السياسي....واعتقد ان اسلوب شكري بلعيد في الخطابة وطريقة تدخلاته في التلفزة يمكن ان يقع تناولها بالدرس من قبل طلبة معهد الصحافة وعلوم الاخبار في التواصل الجماهيري....
لقد دخل الزعيم بورقيبة قلوب الناس بما كان يتمتع به من ملكة خطابية وقدرة على الاقناع والابهار وقوة حجة وهي نفس العناصر التي كنت اجدها في تدخلات شكري بلعيد رحمه الله . واكثر من هذا كان الرجل عف اللسان اي انه لا يلتجا الى فاموس البذاءة اللغوية ليستعين به .مثلما يفعل الكثير من السياسيين الجدد عندما تعوزهم الحجة فيبتجؤون الى لغة الشحن البغضاء والاقصاء ... حتى تحولت بعض المنابر التلفزية الى حلقات خصومات نساء في الحمام .. دون احترام للمشاهد او المتلقي . او لم يقل احد نواب المجلس التاسيسي للسيد الباجي قائد السبسي مباشرة على الهواء في ملف تلفزي ..// هذا شايب خرف يلزمو يشد دارو // واضاف في لحظة غضب تكشف ما في اعماقه // هاو جاي قانون الاقصاء توى انورولك ..يعني بالعربية الفصحى ها ان قانون الاقصاء قريبا ستتم المصادقة علية وستكون اول من يطبق عليه //..
نعم الى هذا الحد انحدر مستوى السياسيين الجدد في النابر التلفزية ثم بعد ذلك نتساءل من اين جاء العنف..والحقيقة ان شكري بلعيد لم ينزل الى هذا المستوى وكان عفيف اللسان يختار كلماته التي يقولها رغم ما كان يتعرض له من استفزاز..
لذلك احب الناس شكري بلعيد واصبحت كل جهة تعتبره ابنها الذي يدافع عن قضايا ابنائها.وهو ما ظهر بوضوح في الجنازات الرسمية التي انتظمت له في عديد الولايات وخرج خلفها الالاف من المشييعين في كل ولاية. ..لقد ظهرت في المنابر التلفزية بعد الثورة مئات الوجوه ولكنها كلها سقطت من ذاكرة المشاهد . ولم يعد يذكر منها اي وجه ما عدا القلة القليلة .. وشكري بلعيد رحمه الله .. كان واحدا من هؤلاء القلة ..ارتسم في ذاكرة المشاهد ..وعندما استشهد احس بفقده... لقد كان الشهيد شكري بلعيد رجلا والرجال قليل ... رحمه الله رحمة واسعة ورزق اهله وذويه و عائلته جميل الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
....................
كاتب واعلامي من تونس
إرسال تعليق