مقال رئيس التحرير



رسائل التونسيين الى الحكومة



بقلم 
محمود حرشاني



لا اتجنى على الحكومة ....واتمنى لها من قلبي كل النجاح في مهامها.. فهي حكومة شرعية منتخبة وهذا لا خلاف عليه ...ولكن مع ذلك لا بد من القول ان المواطن ذاق ذرعا بما عليه الحكومة الحالية من عجز لحل مشاكله الاساسية   ..وفي مقدمتها مشاكل التشغيل والتمنية وغلاء المعيشة وتدهور الاقتصاد وتردى الوضع الامنى ... حتى ان الاحتجاجات ما ان تهدا في منطقة من مناطق البلاد حتى تندلع في منطقة اخرى  وها هي عقارب تلتحق بقائمة المدن الغاضبة بعد ان مات شاب من ابنائها اثر صدمه بسيارة تابعة للحرس الوطني  في حادث مرور قد يحصل في كل منطقة ولكن الاهالي انطلقوا من الحادثة للتعبير عما يشعرون به من غضب فاقدموا على حرق مركز الحرس الوطني واتلاف وثائقه وتحولت المنطقة الهادئة الى منطقة غليان واستعملت قوات الامن القنابل المسيلة للدموع وحصلت مصادمات عنيفة بين المحتجين وقوات الامن .وعقارب ماهي الا حالة من جملة حالات اخرى .ففي كل الجهات هناك غليان وغضب في سيدي بوزيد وتالة والقصرين وسليانة وقفصة والرديف وحتى سيدي بوسعيد الهادئة لم تسلم بعدما امتدت الايادي الاثمة لحرق مقام الولي الصالح سيدي بوسعيد فكان الرد قاسيا عندما رفع الاهالي ديقاج في وجه الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي وفي وجه وزير الداخلية على العريض وفي وجه وزير الثقافة المهدي المبروك مما يعكس حالة غضب عارمة وشديدة يشعر بها الناس وقبلها رشق اهالي سيدي بوزيد الرئيس المرزوقي و رئيس المجلس التاسيسي بالحجارة عندما تحولا الى الجهة للاشراف على احتفالات الثورة .والتعبير عن الاستياء هي حالة عامة عند اغلب التونسيين الذين يرون ان الحكومة الحالية فشلت  وان الثورة اجهضت تحت السعي المتلهف للحصول على المناصب والمغانم واهمال ملف التنمية والامن وحتى الثقافة لم تسلم بل ان المشروع الثقافي الحداثي اليوم مهدد امام رغبة البعض في فرض مشروع ثقافي بديل لا يحظى بالضرورة بالقبول  لانه مشروع يريد ان يعود بالبلاد  عقودا الى الوراء. وجاءت حادثة حرق مقامات اولياء الله الصالحين وقد تعددت مع الاسف لتؤشر على ملامح مشروع ثقافي جديد يرفض التعامل مع  ثقافة التسامح  فضلا عن كون هذه المقامات التي تتعرض اليوم للحرق والهدم هي جزء من معالم تونس وارثها المعماري... يقف المتابع حائرا امام عجز الحكومة على ايجاد حلول لهذه المسائل . وتزداد الحيرة عندما يلاحظ تلهف السياسيين على المناصب وحتى اعضاء المجلس التاسيسي الذين انتخبوا لمدة سنة لصياغة الدستور استحلوا المكان والمركز فقالوا ان سنة لا تكفيهم وها نحن نعيش على وقع التصريحات من هذا الطرف او ذاك تقول لنا الدستور بصدد الانجاز وقد يكون جاهزا في الربيع القادم..
 هو امر محير فعلا ولم يجد اهالي الكاف من وسيلة للتعبير عن غضبهم في يوم الاضراب العام الذي نظموه  سوى رفع صورة بن علي والسير بها في الشارع وهي صورة نقلتها شاشات التلفزيون. ...هي بطاقة حمراء يرفعها الاهالي في وجه الحكومة  وليست حنينا الى عهد بن علي ... وقبلهم وجه اهالي قرقنة رسالة لا تقل تعبيرا الى الحكومة عندما قرروا الهجرة الجماعية الى ايطاليا وابناء ولاية  سليانة عندما تركوا المدينة فارغة من اهلها .
. وخرجوا في مسيرة جماعية على الاقدام باتجاه العاصمة وقالوا للوالي الذي الذي كانت تتمسك به الحكومة . اسكنها وحدك . حالات  غضب  هنا وهناك  ....هي رسائل يوجهها المواطن الى هذه الحكومة ليقول لها ** هرمنا من اجل هذه اللحظة التاريخية **
يبدو ان الرسائل لم تفهم كما يجب من الحكومة .....أو هي ما زالت لم تفتحها بعد  ....ولكن هذه الرسائل هي التعبير الاخير عن الغضب 
***********
كاتب ومحلل سياسي من تونس
رئيس تحرير جريدة قمر نيوز الالكترونية

comments

أحدث أقدم