عندما يتحول التحوير الوزاري الى مشكلة المشاكل في تونس
بقلم
محمود حرشاني
اخيرا اقر السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقته بفشل كل المشاورات التي تمت على امتداد اسابيع بين حركة النهضة وعديد الاحزاب السياسية من جهة وبين رئاسة الحكومة وهذه الاحزاب من جهة ثانية من اجل التوصل الى اتفاق يساعد على تشكيل حكومة جديدة .. وبالتالي لم يتم الاعلان مساء اليوم السبت عن التحوير الوزاري المرتقب وقال رئيس الحكومة ان الامر سيرفع الان الى المجلس الوطني التاسيسي لتشكيل الحكومة واذا عجز المجلس في التوصل الى اتفاق حول تشكيل هذه الحكومة فسيضطر هو الى استعمال صلاحياته وتكوين حكومة يرى في اعضائها الكفاءة والقدرة على اداء المهام الموكولة اليها للمرور في اقرب وقت الى اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل الخريف القادم كاقصى تقدير ..
انه من امؤسف حقا ان يتحول التحوير الوزاري الى مشكلة المشاكل في تونس ويجد رئيس الحكومة نفسه عاجزا عن تشكيل حكومة جديدة يمكنها ان تواصل تسيير البلاد الى ان يحين موعد اجراء الانتخابات التي ان امرها لم يحسم بعد بما يطمئن التونسيين. ورد هذا في اعتقادي يعود الى التجاذبات السياسية بين الاحزاب وعدم تنازل حزب حركة النهضةعن بعض طلباته وخاصة تمسكه بوزارات السيادة وعدم التفريط فيها في نفس الوقت الذي تتمسك فيه احزاب اخرى برغبتها في حصول تغيير في وزارات السيادة بالنسبة للحزبين الحليفين وهما المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل. اما بقية الاحزاب الاخرى التي تم الاتصال بها وخصوصا الحزب الجمهوري وكتلة وفاء والتحالف الديمقراطي والتي رفضت جميعها الى الحكومة الجديدة فقد بنت رفضها على جملة من المعطيات اولها ان يكون التحوير مبنيا على برنامج يشكل قاعدة الحكومة الجديدة وثانيا خيادية وزارات السيادة وهي الداخلية والعدل والخارجية وهو امر ترفضه حركة النهضة.
لقد حاولت النهضة الاستعاضة عن رفض الاحزاب المشاركة في الحكومة بعرض المنصب الوزاري على عدد من الاشخاص والسياسيين وهناك من قبل لان المنصب بالنسبة للبعض يسيل اللعاب وفرصة لن تتكرر وقد راينا من يقبل عن ظواعية تقديم استقالته من الحزب الذي ينتمي اليه ويعلن قبوله المنصب ودخول الحكومة كمستقل وهو ما دعا عصام الشابي الناطق الرسمي باسم الحزب الحمهوري بان النهضة تمارس عملية تحويل وجهة لعدد من الشخصيات التي اغوتهم بالمنصب الحكومي وقبوله بصفتهم مستقلين . وهو ما اثار ايضا حفيضة عدد من الملاحظين الذين ذهبوا الى حد وصف هؤلاء بخيانة احزابهم ومبادئهم ومن خان حزبه لا يمكن الثقة به في الحكومة .
اذن وبعد تشويق استمر لاشهر حيث ان الحديث عن التحوير الوزاري في تونس بدأ منذ شهر جويلية الفارط . بعد كل هذه المدة الطويلة وصلنا الى الحلقة الاخيرة من مساسل التحوير الوزاري ليعلن رئيس الحكومة فشل المفاوضات والاتصالات وبالتالي تعذر تشكيل الحكومة الجديدة.
ان الموضوع على غاية من الخطورة وتتجاوز المصالح الضييقة للاحزاب الى مصلحة تونس ومصلحة الوطن العليا التي تتطلب من الجميع التخلي عن انانيتهم ومصالحهم الضييقة. فاوضاع البلاد في تدهور مستمر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفي كل يوم تطالعنا الاخبار باكتشاف اوكار ومخازن للاسلحة في تهديد صريح وواضح لامن البلاد واستقرارها وصندوق النقد الدولي يضع شروطه المجحفة التى تخفس رغبته في وضع يده على القرار السياسي في البلاد مقابل منحنا قروضا وبؤر التوتر اصبحت في كل مكان ما ان تهدا في منطقة حتى تندلع في اخرى وتهديدات القاعدة للبلاد اصبحت واقعا لا يخفى على احد.. وامام كل هذه الاخطار التي تهدد الوطن مازالت احزابنا تتعارك على اقتسام الغنائم ان بقيت غنائم طبعا وبعد مفاوضات ومشاورات استمرت لاشهر واسابيع نعجز عن تشكيل حكومة.. ولا يريدون منا ان نتاسف على زمن بورقيبة او حتى زمن بن علي عندما كانت الدولة دولة وكانت لتونس مهابتها ووزنها بين الامم .فعلا لا يملك الانسان في مثل هذا الوضع الا ان يتذكر ذلك البيت الشعري المعبر جدا
ذهب الحمار بام عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
******************
محمود حرشاني
كاتب ومحلل سياسي
بقلم
محمود حرشاني
اخيرا اقر السيد حمادي الجبالي رئيس الحكومة المؤقته بفشل كل المشاورات التي تمت على امتداد اسابيع بين حركة النهضة وعديد الاحزاب السياسية من جهة وبين رئاسة الحكومة وهذه الاحزاب من جهة ثانية من اجل التوصل الى اتفاق يساعد على تشكيل حكومة جديدة .. وبالتالي لم يتم الاعلان مساء اليوم السبت عن التحوير الوزاري المرتقب وقال رئيس الحكومة ان الامر سيرفع الان الى المجلس الوطني التاسيسي لتشكيل الحكومة واذا عجز المجلس في التوصل الى اتفاق حول تشكيل هذه الحكومة فسيضطر هو الى استعمال صلاحياته وتكوين حكومة يرى في اعضائها الكفاءة والقدرة على اداء المهام الموكولة اليها للمرور في اقرب وقت الى اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية قبل الخريف القادم كاقصى تقدير ..
انه من امؤسف حقا ان يتحول التحوير الوزاري الى مشكلة المشاكل في تونس ويجد رئيس الحكومة نفسه عاجزا عن تشكيل حكومة جديدة يمكنها ان تواصل تسيير البلاد الى ان يحين موعد اجراء الانتخابات التي ان امرها لم يحسم بعد بما يطمئن التونسيين. ورد هذا في اعتقادي يعود الى التجاذبات السياسية بين الاحزاب وعدم تنازل حزب حركة النهضةعن بعض طلباته وخاصة تمسكه بوزارات السيادة وعدم التفريط فيها في نفس الوقت الذي تتمسك فيه احزاب اخرى برغبتها في حصول تغيير في وزارات السيادة بالنسبة للحزبين الحليفين وهما المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل. اما بقية الاحزاب الاخرى التي تم الاتصال بها وخصوصا الحزب الجمهوري وكتلة وفاء والتحالف الديمقراطي والتي رفضت جميعها الى الحكومة الجديدة فقد بنت رفضها على جملة من المعطيات اولها ان يكون التحوير مبنيا على برنامج يشكل قاعدة الحكومة الجديدة وثانيا خيادية وزارات السيادة وهي الداخلية والعدل والخارجية وهو امر ترفضه حركة النهضة.
لقد حاولت النهضة الاستعاضة عن رفض الاحزاب المشاركة في الحكومة بعرض المنصب الوزاري على عدد من الاشخاص والسياسيين وهناك من قبل لان المنصب بالنسبة للبعض يسيل اللعاب وفرصة لن تتكرر وقد راينا من يقبل عن ظواعية تقديم استقالته من الحزب الذي ينتمي اليه ويعلن قبوله المنصب ودخول الحكومة كمستقل وهو ما دعا عصام الشابي الناطق الرسمي باسم الحزب الحمهوري بان النهضة تمارس عملية تحويل وجهة لعدد من الشخصيات التي اغوتهم بالمنصب الحكومي وقبوله بصفتهم مستقلين . وهو ما اثار ايضا حفيضة عدد من الملاحظين الذين ذهبوا الى حد وصف هؤلاء بخيانة احزابهم ومبادئهم ومن خان حزبه لا يمكن الثقة به في الحكومة .
اذن وبعد تشويق استمر لاشهر حيث ان الحديث عن التحوير الوزاري في تونس بدأ منذ شهر جويلية الفارط . بعد كل هذه المدة الطويلة وصلنا الى الحلقة الاخيرة من مساسل التحوير الوزاري ليعلن رئيس الحكومة فشل المفاوضات والاتصالات وبالتالي تعذر تشكيل الحكومة الجديدة.
ان الموضوع على غاية من الخطورة وتتجاوز المصالح الضييقة للاحزاب الى مصلحة تونس ومصلحة الوطن العليا التي تتطلب من الجميع التخلي عن انانيتهم ومصالحهم الضييقة. فاوضاع البلاد في تدهور مستمر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وفي كل يوم تطالعنا الاخبار باكتشاف اوكار ومخازن للاسلحة في تهديد صريح وواضح لامن البلاد واستقرارها وصندوق النقد الدولي يضع شروطه المجحفة التى تخفس رغبته في وضع يده على القرار السياسي في البلاد مقابل منحنا قروضا وبؤر التوتر اصبحت في كل مكان ما ان تهدا في منطقة حتى تندلع في اخرى وتهديدات القاعدة للبلاد اصبحت واقعا لا يخفى على احد.. وامام كل هذه الاخطار التي تهدد الوطن مازالت احزابنا تتعارك على اقتسام الغنائم ان بقيت غنائم طبعا وبعد مفاوضات ومشاورات استمرت لاشهر واسابيع نعجز عن تشكيل حكومة.. ولا يريدون منا ان نتاسف على زمن بورقيبة او حتى زمن بن علي عندما كانت الدولة دولة وكانت لتونس مهابتها ووزنها بين الامم .فعلا لا يملك الانسان في مثل هذا الوضع الا ان يتذكر ذلك البيت الشعري المعبر جدا
ذهب الحمار بام عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
******************
محمود حرشاني
كاتب ومحلل سياسي
إرسال تعليق