اعمال درامية ضحلة في رمضان بسبب معضلة الإنتاج الدائمة




بقلم محمود حرشاني


مؤسف جدا ان نقول ان اغلب الاعمال الدرامية التي تم عرضها خلال شهر رمضان على قنواتنا التلفزية سواء كانت عمومية او خاصة هي أعمال دون المستوى ما عدا بعض الاستثناءات القليلة... ويبدو أن قنواتنا التلفزية وحتى الاذاعية تعيش معضلة مستفحلة منذ سنوات اسمها معضلة الإنتاج.. فطالما أنه
ليست لدينا مؤسسات تعنى بالإنتاج فإن الوضع سيظل على حاله.. ولن يتغير..

في البلدان العربية التي عرف فيها الإنتاج الدرامي نقلة كبيرة نجد مؤسسات انتاج قوية تشتغل من اجل انتاج واخراج هذه الاعمال وتسخر لذلك امكانيات وطاقات بشرية رهيبة ولا تستسهل العمل.. وهناك أسواق لترويج الإنتاج ومنافسة على مستوى عال.. اما عندنا نحن في تونس فان الموضوع في حاجة متأكدة اليوم الى المراجعة. فليس من مهام القنوات التلفزية الانتاج الا عند الضرورة.. القصوى..والطبيعي ان تتفرغ القنوات التلفزية لانتاج البرامج على مستوى عال من الحرفية وجودة المضامين وهي مهمة ليست سهلة وتترك مسالة انتاج الاعمال الدرامية الى مؤسسات متخصصة..تعتمد في عملها على التنافس وفتح المجال أمام كل الطاقات والكفاءات ...من المبكيات المضحكات انني استمعت في احدهم في الاذاعة يقول انه اضطر في آخر لحظة قبل بداية شهر رمضان بأيام للاتصال بأحد الكتاب والمنتجين لاعداد عمل لشهر رمضان.. إنني أتساءل في حيرة لماذا لا يكون لنا عمل درامي في قوة وحجم // الحشاشين // مثلا..


الا يوجد في تاريخنا الوطني ما يغري بإنتاج عمل درامي يكون محوره المعارك الوطنية التي خاضها الشعب التونسي من اجل تحقيق الاستقلال.. الا يوجد في تاريخنا الوطني ما يلفت الانتباه ويكون محورا لمسلسل تلفزي يشد الناس حول ملحمة بناء الدولة التونسية الحديثة..ألا تشد معارك خالدة في التاريخ الوطني مثل معارك برقو جبل سيدي عيش وجبل ماجورة وقولاب والخشم والسرس اهتمام المخرجين وكتاب السيناريو


اننا بصدق اقولها امام معضلة انتاج للاعمال الدرامية نعاني منها منذ سنوات خاصة بعد ان اصبحت القنوات التلفزية هي التي تتولى الإنتاج وتوكل العمل لمخرجين الذين تجدهم في نفس الوقت في الإخراج ومراجعة السيناريو وكتابة الحوار وتوجيه المخرجين.. وهو أمر لا يوجد الا عندنا في تونس.. مما تتسبب في ان تكون لنا أعمال هزيلة ورديئة ولا يتابعها المشاهد..والمؤسف ان تجد من يمتدح هذه الأعمال سواء في الصحافة المكتوبة او في البرامج الاذاعية..والحال انها اعمال لا تستحق الذكر ولا يمكن ان نلتفت اليها..فما بالك بان نمدحها..
ان المدنة الروائية التونسية تحتوي على أعمال على مستوى عال لو التفت اليها المخرجون لاخرجوا منها العجب .. خذ مثلا روايات محمد الباردي وامنة الرميلي وعباس سليمان وابراهيم الدرغوثي وعبد القادر بن الحاج نصر و فتحية دبش ومحمد المختار جنات ومحفوظ الزعيبي والعبد لله محمود الحرشاني ..وغيرهم طبعا لاني لا استطيع ان اذكر كل الاسماء وليس ذلك في وارد تفكيري.. أعمال هؤلاء الكتاب لو التفت إليها المخرجون لاخرجوا لنا دررا تضاهي ما يتم إنتاجه وترويجه في الشرق..
يكفينا مجاملات ولنقلها عالية وبصراحة ما قدمته القنوات التلفزية التونسية في رمضان هذا العام فضيحة بكل المقاييس ومهزلة وضحك على ذقون المشاهدين و استبلاه للرأي
العام.. واهدار للمال العمومي ولا يستحق الدعم من قبل المستشهرين..

comments

أحدث أقدم