الدكتور احمد القديدي يكتب لكم من باريس // فرنسا في حالة حرب كما أعلن رئيسها!


الدكتور احمد القديدي يكتب لكم من باريس




فرنسا في حالة حرب كما أعلن رئيسها!






في الخطاب الذي توجه به للشعب الفرنسي ليلة الثلاثاء الماضي كرر رئيس الجمهورية الفرنسية عبارة (نحن في حالة حرب) مضيفا أنها حرب حقيقية بكل ما في الحرب من حشد و من أسلحة و من إرادة النصر و استعمل هذه العبارة ست مرات أثناء النصف ساعة التس خاطب فيها الشعب بصراحة و ثقة في النفس و في الدولة راعية الجميع و تحول إعلان الحرب في خطابه الى شعار هذه المرحلة العصيبة من حياة الشعب. قال (إيمانويل ماكرون):"إن شعبنا الذي مرت عليه في تاريخه حروب عديدة يواجه اليوم عدوا من صنف إستثنائي و غير مسبوق لأنه ليس جيشا عدوا و لا احتلالا نازيا و لا هجوما مفاجأ بل هو مجرد فيروس لا يرى إلا بالمجهر هجم علينا من خارج حدودنا و فرض علينا قتاله بكل ما نملك من قوة و عزم و تعبئة. وطالب الرئيس شعبه بالالتزام بإرادة النصر ورفض الهزيمة مهما كانت التضحيات ومطلوب من الأمة التفاعل مع قرارات حكومته التي قضت منذ أيام باغلاق كل المقاهي و المطاعم و الفضاءات العامة المعدة للفسحة أو للنزهة العائلية أضاف اليها الرئيس في خطاب الثلاثاء ضرورة التزام الإنضباطوالتخلي مؤقتا عن العادات الفرنسية المعروفة من التعايش الاجتماعي المكثف وإقامة الحفلات وإحياء الأفراح و الإلتقاء في المقاهي و المطاعم و الحدائق العامة للتمتع بالحياة و ملذاتها مع الأسر و الأطفال و الأصدقاء. هذه مقتضيات حالة الحرب ومستحقات المقاومة والتزاماتالمواطنين الذين تحولوا الى جنود في المعارك الراهنة ضد العدو المختفي ثم أعلن الرئيس حزمة القرارات غير المسبوقة والحازمةوأهمها فرض نوع من حظر التجول في كامل المدن و القرى الفرنسية باستثناء الخروج لشراء الأغذية و الأدوية و القيام بجولة منفردة للرياضة الشخصية و التجوال مع كلب الأسرة الأليف أو الذهاب لمقر العمل في صورة استحالة أداء الواجب المهني على الكمبيوتر. وطبعا فإن الدولة تؤجل خلاص الديون المستحقة لدى المصارف ودفع فواتير الماء والكهرباءوالغاز المنزلي وإسكان المواطنين الذين ليس لهم بيوت في الفنادق على حساب الخزينة العامة وتسديد رواتب الأولياء الذين يقومون بالعناية بأولادهم في المنازل أثناء فترة غلق المدارس والحضاناتوالمعاهدوالجامعات. أعرب الرئيس ماكرون عن عدم تردد الدولة في صرف المليارات من اليوروات لأنه كما قال فإن صحة الناس فوق كل الأولويات و الإعتبارات. ثم إنك تلاحظ و أنت تتجول في شوارع باريس و المدن الكبرى و المتوسطة أن حركة المرور إنخفضت الى عشر ما كانت عليه قبل الكورونا و أن الناس يحترمون الطوابير للتبضع و بين كل فرد و جاره مسافة متر مع التوقي التقليدي من العدوى باستعمال غسل اليدين مرات عديدة و أحيانا وضع الكمامات و القفازات و الامتناع النهائي عن المصافحة و التقبيل و الاخذ بالحضن و العناق على الطريقة الفرنسية المعروفة فكل هذه العادات إنقرضت ليعوضها حذر كامل من الإختلاط و التقارب و لم يفت الرئيس أن يتوجه باسم الشعب الفرنسي بأحر عبارات التقدير للمتقدمين في الصفوف الأولى من هذه الحرب أي الفرق الطبية و الممرضين و الكوادر الصحية لعملهم الخارق و تضحياتهم بسعادة أسرهم و عيالهم في الظروف العسيرة و وعد أن يقع تزويد المستشفيات بكل ما يلزم لغرف الإنعاش معلنا أن عدد المصابين بعدوى كورونا يتضاعف كل ثلاثة أيام مع الإعلان عن اغلاق الحدود البرية و البحرية و الجوية و إلغاء معاهدة (شنغن) مؤقتا أي إعادة الحدود و شرطتها بين الدول الأوروبية الأعضاء في الإتحاد. تشكل فرنسا بهذه السياسة الحازمة أنموذجا للمواجهة الضرورية مع الفيروس القاتل وهي سياسة مختلفة عن الخيارات التي سنتها الحكومة البريطانية والتي أعلنها رئيس حكومة لندن (بوريس جونسن) و التي تعجب منها كل الأوروبيين الأخرين فقد قررت بريطانيا عدم منع الفيروس من الإنتشار بسبب ما يؤول اليه الانتشار المكثف التلقائي من إضعاف لقوة الفيروس تدريجيا و دعم المناعة البشرية الطبيعية ضده و علقت الأوساط العلمية الفرنسية على خيارات بريطانيا بالقول أن النتائج ستظهر بعد أسابيع لتؤكد سلامة هذه الخيارات أو فشلها

comments

أحدث أقدم