مطارحات يوم كان بورقيبة إرهابيا متطرفا جهاديا إسلاميا!

مطارحات




يوم كان بورقيبة إرهابيا متطرفا جهاديا إسلاميا!


 د.أحمد القديدي

عجبي اليوم من بلاهة الإعلاميين و الدبلوماسيين في دول الحصار حين يتهمون قطر بدعم الإرهاب وهم لا يقرأون التاريخ و لا يدركون أن هذا النعت الذي أصبح شماعة المستبدين هو اللباس الجاهز لكل من يختلف معهم فيلبسونه للعلماء مثل الشيوخ يوسف القرضاوي و سلمان العودة و للمناضلين من أجل حقوقهم المشروعة في التعبير مثل الشهيد الصحفي المغدور جمال خاشقجي و المناضلين من أجل تحرير أرضهم مثل الشيخ أحمد ياسين و خالد مشعل و الرنتيسي و هنية و غيرهم و أسوق اليوم أنموذج الزعيم بورقيبة وهو المناضل الوطني العلماني الذي ساهم في تحرير تونس و المغرب العربي كيف لم يسلم من تهمة الإرهاب! منذ أسبوع أشفقت على امرأة لا أعرفها رأيتها في التلفزيون تصرخ في مجلس النواب التونسي بأن بعض زملائها إرهابيون ونادت بتصنيفهم إرهابيين! وهي حرة لكني أشفقت عليها لأني بلا تواضع مزيف أعرف التاريخ وعشت محطاته وهي تجهل ما معنى عبارة إرهاب وكيف يتطور التاريخ ليغير من معنى الإرهاب حسب مصالح الدول واللوبيات وهي ستندهش حين أكشف لها أن مجلة (باري ماتش) الأسبوعية الشهيرة الناطقة عادة باسم الإستعمار وغلاة المعمرين نشرت مقالا مع صورة للزعيم بورقيبة في ابريل 1952 بقلم رئيس تحريرها (رايمون كارتييه) الشهير يقول فيها بالعنوان الكبير (بورقيبة إرهابي إسلامي متطرف. تأملوا في عينية الزرقاوين تتقدان حقدا ضد المعمرين والنصارى عموما بعد أن كنا نعتقد أنه ابن الثقافة الفرنسية) والمقال طويل ويحرض عل الزعيم والحركة الوطنية وأذكر أن بورقيبة تم إيقافه ونفيه الى جزيرة جالطة وكان هو الذي حرك ثورة 18 جانفي 52 بعد أن صادرت مخابرات الاستعمار رسالته من منفاه الى المقاوم الشاذلي قلالة. اليوم أكشف جانبا عجيبا من تاريخ بورقيبة.. فيوم 18 يناير جانفي 1952ألقت سلطات الاستعمار القبض على بورقيبة ونفته في جزيرة جالطة الموحشة وفكر في تحريك سواكن الشعب التونسي ليقوم بالثورة المسلحة (تذكروا إحياء الشعب التونسي لعيد الثورة يوم 18 يناير جانفي 1952) فاتصل الزعيم سرا بالمقاومين الذين تعرف عليهم منذ الثلاثينيات ثم كتب للشعب التونسي رسالة عجيبة بخط يده استعمل فيها الزعيم تحريك الشعور الإسلامي في المواطنين، وهي منشورة في الصفحة 459 من كتاب محمد مزالي (نصيبي من الحقيقة) يقول بورقيبة حرفيا:

"إلى الدستوريين المجاهدين المخلصين فإن الفقير إلى ربه الحبيب بورقيبة رئيس الحزب يرغب من كل تونسي مسلم أن يمتثل لأوامر أخي في الدين والوطن والجهاد السيد الشاذلي قلالة محل ثقتي، ويعينه بكل ما في استطاعته في هذه الظروف العصيبة، وله عند الله أجر المجاهدين الأبرار وعند قومه فخر العاملين الصابرين حتى يمن الله علينا بالنصر المبين، وتكون كلمة الله هي العليا ويلقى الظالمون المنافقون جزاءهم في الدنيا قبل الآخرة وتكون العاقبة للمتقين، وثقوا أن الله معنا والله أكبر والسلام على من اتبع الهدى وفاز من يرضي الله والوطن".. الإمضاء الحبيب بورقيبة. طبرقة 18 مارس1952"

عندما اكتشفنا رسالة الزعيم هذه أنا والمرحوم محمد مزالي في منفانا في باريس في أرشيف الحكومة الفرنسية قال لي مزالي مازحا ومتعجبا (يا أحمد هل تصدق أن بورقيبة هو الذي خاطب التوانسة المسلمين بهذه اللغة؟ إنها لغة بن لادن والظواهري اليوم! وحين قرأنا ما نشره (رايمون كارتييه) في مجلة (باري ماتش) في أبريل 52 لم نتعجب لكن عجبي عام 2019 من كل من نعتوا خصومهم بالإرهاب ثم أصبح محررا لشعبه وزعيما ورئيسا وهو نفس ما نعت به عمر المختار ونيلسن مانديلا وياسر عرفات و (هوشي منه البطل الفيتنامي) وشي غيفارا وفيدال كاسترو واليوم الفلسطينيون ومحمد مرسي وثوار اليمن ورافضو حكم العسكر في ليبيا والجزائر والسودان وتدخل الامارات في اليمن وهكذا هو التاريخ وسننه التي غابت عن بعض هواة السياسة اليوم لأنهم لا يقرأون التاريخ ولا يدركون سننه ونواميسه.

alqadidi@hotmail.com


comments

أحدث أقدم