صدق الكلام اسبوع مع ...برامج واخبار القنوات التلفزية التونسية بقلم. محمود حرشاني

صدق الكلام

اسبوع مع ...برامج واخبار القنوات التلفزية التونسية

بقلم. محمود حرشاني


----------------------
-1-
غياب الموضوعية وطغيان السياسي في البلاتوات على القنوات االتلفزية التونسية


انشد التونسيون في الاسبوع الذي مضى الى قنواتهم التلفزية وتسمروا امام الشاشات يتابعون تطورات الاحداث في بلادهم بعد ما انطلقت مسيرات الغضب في ولاية القصرين لتمتد الى عديد الجهات الاخرى وتاخذ ابعادا اخرى لتتحول من مجرد مسيرات احتجاجية سلمية كما انطلقت في البداية الى مواجهات بين المحتجين وقوات الامن هنا وهناك..بعد تطور هذه الاحداث ومحاولة اقتحام المؤسسات العمومية والمقرات السيادية..وتسابقت القنوات التلفزية كل واحدة على طريقتها لمواكبة ونقل هذه الاحداث الى المشاهد وتحليل ابعادها في الاستوديوهات..وطبيعي جدا ان استحوذت قناتا نسمة والحوار التونسي على ارفع نسبة مشاهدة..فكل قناة من القناتين تحاول ان تهزم الاخرى لتحتل هي مكان الصدارة في تحقيق ارفع نسبة مشاهدة..وفي زحمة هذا التسابق المحموم لاحظنا ان هذه القنوات انزلقت من حيث تشعر او لا تشعر في مهمة التجييش والتحريض من خلال ارتكاب موجة الانحياز لمشاغل المتظاهرين 
وفات هذه القنوات ان اول مهمة لها هي مهمة نقل الخبر بموضوعية وعدم التحيز لهذا الطرف او ذاك..ومن دلائل الوقوع في الخطا .فسح المجال لكل من يريد اخذ الكلمة ليتكلم فهذا يسب والاخر يشتم وهذا ينفي وجود اب يذرة اصلاح او مجهود..وان كنا لا نعارض ابدا اعطاء الكلمة للمحتجين لكي يتكلموا وبعبركل واحد منهم عن مشاغله فان السقوط في الشعبوية قاتل بالنسبة للاعلام لان الاصل هو نقل المعلومة صحيحة..كما ارتكبت هذه القنوات خطا قاتلا اخر وتمثل في تغييب المحللين الاقتصاديين والاجتماعيين ليحل محلهم السياسيون وكان القضية هي سياسية او تهم الاحزاب بقدر ماهي القضية اجتماعية واقتصادية بالاساس..وقد لاحظنا ان المقدمين لهذه المنابر التلفزية سواء في نسمة او الحوار التونسي لم يتخلصوا من عقدة الاصحاب اولى بالضيافة حتى اننا لاحظنا ان احد اعضاء مجلس نواب الشعب مر على امتداد ثلاث ليال متتالية في ثلاث قنوات ليعيد الكلام نفسه..وهناك اخطاء اخرى كثيرة منها ان المقدمين لهذه المنابر المفتوحةلم يكونوا جاهزين بالقدر الكافي لمواكبة الاحداثاو الحدث الطارئ.
بودنا ان تستفيد القنوات التلفزية من اخطائها ...وربما هذا هو ما اشار اليه الرئيس الباجي قائد السبسي من ان بعض القنوات التلفزية التونسية والاجنبية ساهمت في تاجيج الاحداث وكانها تريد ان تؤسس لثورة جديدة حقا وباطلا
-2-
مبعوثون على عين المكان

مهمة المبعوث الخاص على عين المكان مهمة صعبة في الايام العادية فما بالك في ايام حذر الجولان وايام الاضطرابات..وقد جربت شخصيا هذه المهمة لسنوات ولي معها عديد الذكريات .. وهي مهمة ليست في متناول اي كانلانه عندما يفتح لك الخط من الاستوديو يجب ان تكون جاهزا لتقديم المعلومة باكثر ما يمكن من التفاصيل ولكن في اقل ما يمكن من الكلام.. وقد يقع الانسان في المحظور من حيث لا يشعر ..وشخصيا لي تجربة في هذا كادت تكلفني السجن ذات مرة فقد كنت اعد روبورتاجا للقناة الوطنية حول العودة المدرسية وتنقلت الى احدى المكتبات لاسال الناس عن استعداداتهم وطبيعي جدا ان اعطي الكلمة لمن اجده في المكتبة وكان من بين من تدخلوا احد المواطنين ولم اكن اعلم انه من حزب محظور بل انه يمضي مرتين في اليوم اعطيته الكلمة ومر تصريحه في التلفزة فاذا باحد اولاد الحلال في ذلك الوقت يكعبرهالي ويقول اني مررته لاني متعاطف معه..وبعد ابحاث وسين وجيم توقفت عن العمل لمدة شهرين..
ذكرت هذه الواقعة لاحيي من كل قلبي جهود المبعوثين الخاصين على عين المكانالذين يتولون نقل روبورتاجات على الهواء مباشرة من اماكن صعبة وخطرة وهم معرضون لاشياء كثيرة على عكس السيدة او السيد الجالس على كرسي وثيرفي الاستوديو
-3-
احداث القصرين توب او فلوب

بصراحة لم استوعب الى حد الان بلاهة ذلك المنشط السخيف الذي سال ضيوفه في الاستوديو وكان ذلك في برنامج كلام الناس على قناة الحوار التونسي.
هل احداث القصرين توب ام فلوب
انا لو كان امامي هذا المنشط الان للوحت له بداودي بوريه التوب والفلوب.. لانه من تعاسة الاعلام في هذا الزمن الردئ ان جاء لنا بامثال هؤلاء الرهوط..ومثله مثل ذلك الرهط الاخر من نفس المدرسة نوفل الورتانيالذي بضحك على ذقون الناس من خلال منوعة تافهة هي اشبه بالكاباري المفتوح من اي شئي اخر..
-4-
حوار رئيس الحكومة مع قناتي نسمة والوطنية

واختم هذه الوقفة التلفزيونية مع الحوار الذي اجرته قناتا نسمة والوطنية الاولى مع رئيس الحكوزمة الحبيب الصيد وبث في سهرة السبت..وما لاحطته شخصيا هو الحضور المتميز للزميلة زينة الخميري من القناة الوطنية والانسجام بينها وبين الزميل خليفة من قناة نسمة .ولكن ما لاحظته ايضا ان الاسئلة كانت طويلة جدا من الزميلين.ولم يكن هناك اتفاق مسبق على نوزيع المحاور والاسترسال في الحديث حتى ان رئيس الحكومة كان يعود بين القينة والاخرى ليتمناول نفس الموضوع..
وعمومااعتقد ان الحوار لم يحقق نسبة مشاهدة كبيرة لعدة اسباب منها ان رئيس الحكومة سبق ان اعطى حوارا في نفس الموضوع لقناة فرانس 24يوم الجمعة وهو ما ابطل عنصر المفاجاة في الحديث كما سبف الحديث الصحفي تصريح مطول لرئيس الحكومة عقب اجتماع مجلس الوزراء..فكان من الافضل عندائذ ارجاء الحديث او تخير محاور جديدة له. وهذا ما لم يتم التفطن اليه وهو ايضا داخل في ما اسميناه في ورقة اخرى سابقة لنا بغياب منهجية واضحة في الاتصال بين الحكومة ووسائل الاعلام من ناحية والحكومة والشعب من ناحية اخرى

----------------
كاتب ومحلل سياسي تونسي
مدير راديو ومجلة قمر تونس

comments

أحدث أقدم