تونس في حاجة الى مجلة ثقافية محترمة/بقلمرئيس التحرير محمود الحرشاني تكاد تونس تخلو اليوم من مجلة ثقافية محترمة تصدر بانتظام ويكون لها من القيمة الثقافية والفكرية والفنية ما يجعلها مرجعا للثقافة التونسية. وفضاءا مفتوحا لكل المبدعين والكتاب واهل الثقافة والفكر...وهو امر غريب حقا ومستفز في ان ..فباستثناء مجلة الحياة الثقافية التي تصدرها وزارة الثقافة لا تتوفر في تونس اليوم مجلة ثقافية يمكن ان تكون بحق واجهة اعلامية للمشهد والحراك الثقافي في تونس..فحتى مجلة المسار التي يصدرها اتحاد الكتاب التونسيين اصبح صدورها متعثرا وغير منتظم ولا يتجاوز العددين في السنة . وكذلك مجلة الاتحاف التي تصدر انطلاقا من ولاية سليانة فهي تعيش صعوبات مادية جمة اثرت على دوريتها وحتى على مضمونها باعتبار عجز المجلة على صرف مكافات الكتاب والاعتماد على المساهمات المجانية وهو امر لا يكفل لمجلة اي مجلة الدوام والامر نفسه ينطبق على المجلة التاريخية التي اصدرها الاعلامي محمد على الحباشي ورغم القيمة الفنية والتاريخية لهذه المجلة فان صدورها متعثر.. اما بقية المجلات فقد اختفت من السوق نظرا للصعوبات المادية التي تواجهها وعدم تحرك وزارة الثقافة لمساعدتها على تجاوز هذه الصعوبات مثلما هو الحال بالنسبة لمجلات مرآة الوسط ذات التاريخ الحافل ومنارة الساحل التي تصدر بسوسة ورحاب المعرفة التي انشاها الشاعر الراحل جعفر ماجد وحاول ابنه مواصلة اصدارها بعد وفاته ولكن لم يستمر.. وهنا لابد من طرح السؤال لماذا تخلو تونس اليوم من مجلات ثقافية محترمة؟ اعتقد ان المسؤولية الاساسية في هذا تعود الى وزارة الثقافة التي بقيت تتفرج على ما تعانيه هذه المجلات من صعوبات ولم تتحرك لتقدم لها يد العون والمساعدة واكتفت بمقتنيات محدودة لكل مجلة لا تغطي حتى الربع من التكاليف العامة لاصدار اي مجلة. ولذلك اصبح كل من يجرب مرة اصدار مجلة يكتوي بالتكاليف الباهظة فلا بعيد الكرة ابدا وحدث هذا مع عديد العناوين الجديدة التي اصدرها اصحابها بعد الثورة ولكن لم يصمد منها اي عنوان. لابد ان تاخذ وزارة الثقافة الامر بكل جدية وان تعمل على مساعدة المجلات القائمة او التي توقفت عن الصدور لاسباب مادية وذلك يرصد منح او مساعدات مالية لانقاذ هذه المجلات حتى تعود الى الصدور والترفيع من حجم المقتنيات من كل مجلة فاذا كانت لدينا شبكة مكتبات عمومية ب 400 مكتبة فلا اقل من ان يكون عدد المقتنيات من كل مجلة في عدد المكتبات بحيث تستفيد كل مكتبة عمومية بعدد من كل مجلة.ويمكن لوزارة الثقافة ان تشجع على اصدار مجلة او اثنين يكونان بمثابة الواجهة للمشهد الثقافي في تونس وتسخر لهما امكانيات مادية كبيرة فتكون لنا مجلات في حجم وقيمة المجلات الوافدة من الشرق والخليج العربيين على غرار الهلال والعربي والمجلة العربية والرافد والامارات الثقافية وغيرها من المجلات الثقافية ذات القيمة الفنية والادبية العالية.. ان تونس لم تخلو في تاريخها الطويل من مجلات ثقافية محترمة وكانت بمثابة المرجع لدراسة توجهات المشهد الثقافي في تونس وتكاد كل عشرية من العشرينات من الثلاثينات الى اليوم تتميز بمجلة رائدة صدرت في تونس مثل المباحث والعالم الادبي في الثلاثينيات والاربعينيات والزهرة والندوة في الخمسينيات والفكر التي انشاها الكاتب والسياسي محمد مزالي في الستينيات وكذلك مجلة التجديد في نفس الفترة وتعاضد وثقافة ومرآة الساحل في السبعينيات و الاخلاء والفلم في الثمانينات ومرآة الوسط والفن السابع في التسعينات الخ.. وهناك فترات شهدت صدور اكثر من مجلة خاصة عندما تولى الاستاذ البشير بن سلامة وزارة الثقافة وشجع على اصدار المجلات فصدرت في عهده مجلات شعر ودراسات مسرحية بالاضافة طبعا الى مجلة الحياة الثقافية التي انشاها الاستاذ محمود المسعدي ومجلة المسار التي يصدرها اتحاد الكتاب واسسها المرحوم محمد العروسي المطوي ان تاريخا ثقافيا بهذه الغزارة لا يمكن الا ان يؤسس لحركة ثقافية ترفض الجمود والتوقف ولذلك فانه من الضروري اليوم وليس غدا العمل على دعم المنشورات الثقافية وان تراجع وزارة الثقافة سياستها في مجال دعم المجلات والتشجيع على اصدارها.. وللاسف فان وزير الثقافة الحالي يشكل عقبة كاداء في تطوير المشهد الثقافي بالبلاد فهو لا يتواصل مع المثقفين ويرفض لقاءهم كما انه اغلق باب الدعم .وهو ما ساهم في خلق مناخ من التوتر الحاد بينه وبين غالبية المثقفين والمبدعين.. ونعتبر ان هذا من الاسباب الرئيسية لتقهقر المشهد الثقافي اليوم في تونس hormahmoud@gmail.com |
إرسال تعليق