تكاملنا ضرورة للحفاظ على توازن المعادلة الصعبة
كم هي متشابهة لحظات الحب الحقيقي في حياة الإنسان باللحظات التي تعتري شعباً حينما يقوم بثورة حقيقية. فكلاهما لحظة من لحظات الاختيار الصعب التي تمر على المرء. تختلط فيها مشاعر الفرحة مع القلق مع الرهبة، الحلم مع الخوف من الإخفاق، والرغبة في التغيير وقرار التلاحم مع الآخر من أجل بناء مستقبل مختلف. مشاعر متنامية متضاربة في الوقت ذاته، وربما هذا هو أروع ما في الحب وما في الثورات.
هذا هو شعورنا ونحن نحيا لحظة من لحظات الزمان التي يصعب حسابها بالأيام والأسابيع، بل بمعايير مختلفة تماماً. لحظة ممتدة بدأت بالمفاجأة لأن أحداً ممن دعوا للخروج في الثلاثين من يونيو كان يتصور أن المشهد سوف يكون بهذه الكثافة المدهشة، كما لم يضع أحد في حسبانه أن هذا الخروج الحاشد سوف يتطور من مواجهة بين حزب حاكم وغضب شعبي على ممارساته، ليغدو زلزالاً يهز أرجاء مشروع امتدت طموحاته وأطماعه إلى المنطقة بأسرها.
وكما هي لحظات الحب الصادقة تحمل لنا المفاجأة، وجدنا أنفسنا ومن دون أي مقدمات أمام قرارات واضحة ومحددة تشهد جميعها على تلاحم العديد من البلدان العربية قادة وشعوباً مع المصريين شعباً وجيشاً، وكأننا نستعيد من جديد اللحظة العربية بعد مشهد العبور الذي عاشته أجيال، وتربت على الفخر به أجيال أخرى. هي محاولة الانتصار على الصعب ما تجمعنا دائماً في ما يبدو. فنحن نعيش لحظة عبور جديدة ليس لتحطيم خط بارليف ومحاولة استعادة الأرض المسلوبة، بل لتحطيم سياج مرعب من الرجعية وفرض الأفكار المغلوطة، وإعادة تشكيل المنطقة على أهواء عقول خارج سياق العقلانية والوسطية. وفي كل الحالات فإن استعادة الأرض لا تختلف في مكانتها عن الرغبة في استعادة العقل وفرض ضرورة احترامه على كل من تسول له نفسه بالعمل على تغييبه أو قمعه أو التسلط عليه.
.....................
كاتبة واعلامية مصرية تقيم في باريس
من اسرة وكتاب قمر نيوز
إرسال تعليق