هواء طلق
بقلم
*محمود الحرشاني
بعد نشر مقالي السابق بالصّريح
شكرا لهؤلاء ......وشكرا لهؤلاء
(لا يزايدنّ على أحد ... فقد كتبت الحقيقة ومنع مقالي لما كان الثوريون
اليوم يصنّفون أنفسهم ضمن جماعة حكماء سيدي بوزيد)
أثار المقال الّذي
نشرته في ركن هواء طلق يوم الاثنين الماضي بعنوان هل ضخّم السّاسة والإعلاميون
حادثة إحراق البوعزيزي؟ ردود أفعال مختلفة. ولم ينقطع هاتفي عن الرنين بعد نشر
المقال وكذلك نشطت صفحتي على الفايس بوكـ، لتحمل إليّ أراء عديد القرّاء الّذين
تفاعلوا في أغلبيتهم مع مضمون المقال... وقد استوقفني في الشارع أكثر من مواطن
ليقول لي "يعطيك الصحّة يا سي محمود لقد قلت الصحيح وتحدّثت بلساننا".
كما عبّر شقّ آخر من القرّاء عن غضبهم ممّا جاء في المقال.. وحدّثني أحد الزملاء
أنّ عددا كبيرا من الّذين قرأو المقال قلوبهم مليانة عليّ وبالعودة إلى مضمون
المقال، أودّ أن أذكّر بأنّني كتبت ما يفكّر فيه الكثيرون همسا، ولا يستطيعون أن
يجاهروا به ... أن حادثة محمد البوعزيزي يوم 17 ديسمبر 2010، كانت حدثا كبيرا لا
شكّ ولا اختلاف... وقد أقدم على إحراق نفسه بعد ما لحقه من ضيم وما شعر به من اهانة
بعد أن أصبح مهدّدا في مورد رزقه وعيشه الوحيد، وهو عربة الخضار الّتي يقتات
منها... ولم يجد من يستمع إليه لا من البلدية ولا من الولاية ولا من المعتمدية...
كلّ هذا كتبته وأكّدت عليه... ولكن كتبت أيضا أن حادثة احتراق البوعزيزي لم تسلم
من التوظيف السياسي والإعلامي غير البرئ وأحيطت عملية احتراقه بمغالطة كبيرة، بهدف
إثارة الرأي العام، والشباب بالخصوص... عندما روّج أحدهم في وسائل الإعلام أجنبية،
أنّ محمد البوعزيزي من حاملي الشهادات العليا، وانّه أحرق نفسه بعد أن هدّد في
مورد عيشه وأهين من قبل شرطة البلدية (عون التراتيب) وهو العمل الّذي أختاره على
بساطته بعد أن تخرّج من الجامعة...وفي هذا مغالطة كبيرة كان الهدف منها إثارة الشباب
الجامعي، ليقول لهم هذا مصيركم بعد التخرّج. أمّا البطالة الدائمة أو الاحتراق . وإذا
كان أيّ كان يشكّك في صحّة هذه المعلومة الّتي أوردتها، فيما عليه إلاّ أن
يكذّبني. وأنا هنا أوكّد مرّة أخرى، أنّني لا أستنقص من قيمة وأهمّية ما قام به
البوعزيزي. فلا شيء أغلى من النّفس، وقد ضحّى هو بها... وقد فجّرت عملية إحراقه
الثورة... لأنّ تونس في ذلك الوقت كانت تغلي داخليا وتنتظر أيّ حركة للانفجار وهذا
أيضا قلته وكتبته...وكتبته في حينه وبجريدة الصريح بالذّات، يوم كان الثوريون
الجدد صامتين أو يصنّفون أنفسهم ضمن قائمة حكماء سيدي بوزيد وقد تم منع نشر مقالي
الّذي أشرت فيه بكلّ شجاعة إلى تدهور الأوضاع في سيدي بوزيد يوم 25 ديسمبر 2012
يوم كان الثوريون اليوم يقدّمون أرائهم كحكماء سيدي بوزيد للخروج من المسألة
سليما، على أعمدة جريدة الشروق وكذلك جريدة الصباح.
إذن فلا يزايدن
عليّ أحد... ومقالي الّذي تمّ منع نشره بجريدة الصّريح من أعلى هرم السلطة في ذلك
الوقت، نشر فيما بعد على الأنترنات وهو شهادتي على التاريخ وللتاريخ.
وأعود إلى مقال
الأسبوع الماضي لأشكر كلّ الّذين تفاعلوا مع المقال، وأرسلوا لي بعبارات الشكر
والتشجيع... ولا أنسي سائق عربة النقل الرّيفي الّذي اعترضني في الشارع فاستوقفني
وقال لي: "أنت سي محمود الحرشاني" .
-
فقلت له
"نعم"
-
قال لي:"يرحم
والديك... يعطيك الصحّة. لقد سرق الصحاح الثورة".
وكتبت لي إحدى
الصديقات على صفحتي على الفايس بوك "أنت دائما تتكلّم بلساننا ... برافو...
سي محمود". وكتب لي صديق آخر: "برافو سي محمود...لا تخشى في الحقّ لومة
لائم".
مرّة أخرى ...
شكرا لكلّ الأصدقاء الّذين تفاعلوا مع المقال... ولم أستنقص لا من قيمة ما فعله
البوعزيزي ولا من ريادة سيدي بوزيد وأهلها وشبابها في تفجير الثورة وقد بقيت أكثر
من 17 يوما تحت الحصار تواجه وحدها مصيرها المجهول قبل أن تتحرّك جهات أخرى مثل
القصرين وتالة وصفاقس. وإنّما أشرت إلى ما صاحبها من توظيف سياسي وإعلامي غير
بريء... انتهى بزوال الحادثة ولم نرى له مثيلا عندما أحرق آخرون من الشباب أنفسهم
فهل جانبت الصواب ...لا أعتقد.
*
كاتب ومحلّل سياسي
من تونس ومدير جريدة قمر نيوز
إرسال تعليق