العين الثالثة
العري أضعف حلقات المواجهة مع المتشددين
بقلم
تتغير الأوضاع بأسرع مما كنا نتوقع، بل وتتشابه في كلا البلدين مصر وتونس، وربما هذا ما يجعل بعض ردود الفعل، وليس كلها، متماثلة إلى حد ما. ولكن ليس كل فعل هو فعل ثوري، وليست كل مواجهة وتصد لسيطرة التيارات الدينية على الحكم مقبولة من كافة الأطراف، وهنا نقع في الفرقة بدلا من الاتحاد الذي نحن أحوج ما نكون له اليوم.
العري أضعف حلقات المواجهة مع المتشددين
بقلم
فابيولا بدوي
تتغير الأوضاع بأسرع مما كنا نتوقع، بل وتتشابه في كلا البلدين مصر وتونس، وربما هذا ما يجعل بعض ردود الفعل، وليس كلها، متماثلة إلى حد ما. ولكن ليس كل فعل هو فعل ثوري، وليست كل مواجهة وتصد لسيطرة التيارات الدينية على الحكم مقبولة من كافة الأطراف، وهنا نقع في الفرقة بدلا من الاتحاد الذي نحن أحوج ما نكون له اليوم.
في العام الماضي تعرت علياء المهدي، والحقيقة أنا لا أعلم لماذا أقدمت على هذا على وجه التحديد، لكنها تصر على أنها قد تعرت احتجاجا على سيطرة رجال الدين على الدولة، ومحاولاتهم ترسيخ فكرة أن جسد المرأة عورة وشيء مهين. اليوم تعيش علياء في السويد وتتعرى كما تشاء، تدرس هناك وترغب
في دخول مجال السينما والأفلام بحسب ما ينشر. لذا يمكننا القول أنها إما فتاة باحثة عن الشهرة، أو طائشة فعلت ما فعلت ثم ألبسته ثوب التمرد والرغبة في المواجهة، وربما كانت هكذا بالفعل ولكنها أخطأت الطريق وعبرت عن احتجاجها بطريقة لا تليق بدينها أو ثقافة المجتمع الذي تنتمي إليه.
ومن بعد علياء جاءت أمينة الناشطة في منظمة « فيمين » الحقوقية في تونس لتحذو حذوها، وقد أثارت ضجة واسعة وأخذت الجماعات الاسلامية تدعو بضرورة إقامة الحد عليها وجلدها. ثم اختفت أمينة والمؤكد أنها واجهت أو لا تزال تواجه خطرا حقيقيا على حياتها.
هذه اليام قامت الفنانة واﻟﻣﺧرﺟﺔ التونسية ﻧﺎدﯾﺔ الفاني، بنشر ﺻورﺗﮭﺎ شبه عارية على ﺻﻔﺣﺗﮭﺎ بالفيس بوك، ﻣﺳﺎﻧدrة « لأمينة » « .والصورة يتعرى فيها ﺛدﯾﮭﺎ اﻷﯾﻣن و قد ﻛﺗﺑت عليه ﻛﻠﻣﺔ “ﻛراﻣﺔ”، وﻋﻠﻰ جبينها ﻛﻠﻣﺔ “ﺣرﯾﺔ” وﺧطت ﻋﻠﻰ ﯾدھﺎ ﻋﺑﺎرة “ﻣن أجل أمينة ».
بداية وقبل كل شيء إن تهديد الجماعات بعينها لأمينة لهو شيء غير مقبول بالمرة، فنحن في بلدان تتمتع بسلطة القانون، ولا يحق لأيا من كان أن ينصب نفسه قاضيا ويحاكم من يشاء بحسب أهوائه، فلا جلد ولا حد سوف يقام في تونس أو مصر أو سوريا أو أي بلد يتربع فيه القانون فوق كافة السلطات. واختفاء أمينة لا يجب أن يمر هكذا، فهذا موقف مبدئي لا يجوز التهاون فيه.
من جهة أخرى، إن مسألة التعبير عن الغضب أو الاحتجاج من خلال تعرية الجسد لهي شيء مستهجن ولا يليق بثائرة أو بأي فتاة أو إمرأة عربية أيا كانت ديانتها أو انتماءاتها الفكرية. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن يندرج مثل هذا الأسلوب في التعبير تحت بند الحرية الشخصية.
إن الغرب وجمعياته النسائية والتي يتبنى بعضها مثل هذه النوعية من الاحتجاجات على اعتبارها تجسيدا لحرية المرأة، يعلمون تماما أن الغربيات جميعهن لم ينلن حقوقهن في المساواة والعمل وحق التصويت وخلافه من خلال تعرية أجسادهن، فنحن لم نقرأ في تاريخ بلد غربي أن المرأة فيه قد بدأت تنال حقوقها من خلال تظاهرها عارية. ربما اليوم توجد مثل هذه التظاهرات لأسباب مختلفة تماما وهي قليلة جدا ولا تلقى أي اهتمام يذكر، ولا يجب وضعها موضع التعميم على الاطلاق. وحتى وإن كانت كذلك، فهل يعقل أن نبدأ نحن مسيرة نضال ضد الانغلاق والتخلف ومحاولة حصار المرأة وقمعها من حيث انتهى الأخرون؟
إن تعرية الجسد هي أضعف صورة للمواجهة بل وتعد انتصارا للقوى الظلامية، فلحظة الهزيمة الحقيقية لأي ثوري هي اللحظة التي يتمكن فيها خصمه من تجريده من كافة مبادئه وأخلاقياته. وهي ذاتها اللحظة التي يتم فيها تصيد المواقف الفردية والغريبة، وتعممها عن عمد من أجل تشوية كافة القوى الثوري بكل ما تحمله من أهداف نبيلة لمجتمعاتها.
************************
كاتبة واعلامية من مصر مقيمة في باريس
من كتاب قمر نيوز
تجدون المقال بركن الراي بجريدة قمر نيوز
شكرا الصديقة فابيولا على هذا المقال الجييد في انتظار مقالات اخرى منك
ردحذفإرسال تعليق