هواء طلق
كيف تحافظ على القيمة المعنوية
والسياسة لعيد الاستقلال؟
بقلم: محمود الحرشاني*
المجاهد الاكبر الرئيس الحبيب بورقيبة مجقق الاستقلال وباني الدولة التونسية الحديثة
لا عيد في بلادنا يتقدّم في المرتبة والقيمة والأهمّية السياسية
على عيد الاستقلال أو يعلو عليه. نقول هذا منذ البداية، حتى تكون
الأمور واضحة بالقدر الكافي لدى الجميع. إنّ عيد الاستقلال يجب أن يكون سيّد
الأعياد، فهو الأوّل وكل الأعياد الأخرى تأتي من بعده، بفضل الاستقلال تحرّرت تونس
من الاستعمار الفرنسي الغاشم في 20 مارس 1956، ولم يكن هذا الاستقلال إلاّ وليد
ثورة شعبية عارمة اندلعت في 18 جانفي 1952، ونتيجة نضالات طويلة خاضها الشعب
التونسي بكلّ بسالة وصمود، ودفع المئات من أبنائه حياتهم ثمنا لهذا الاستقلال،
عندما استشهدوا في الجبال التي كانت مسرحا للمعارك الّتي واجه فيها التونسيون بكلّ
بسالة الجيوش الفرنسية. في جبال سيدي عيش وبرقو وقبرار وقارة حديد وعرباط والسقي والسّند
وعديد الأماكن الأخرى.
لم يكن الحصول على استقلال البلاد في 20 مارس 1956 أمرا
هيّنا ولا سهلا، وقد فتحت الثورة التونسية الّتي اندلعت في 18 جانفي 1952 باب
التحرّر أمام كلّ الشعوب الأخرى الّتي كان مولّي عليها وخاض شعبنا الأبي نضالاته بقيادة
الزّعيم الرّاحل الرّئيس الحبيب بورقيبة رفقة مجموعة من الرّجال البررة
المخلصين...
ولذلك نعتقد أن كلّ استنقاص من قيمة عيد الاستقلال
والسعي إلى استبداله باعتماد أعياد أخرى هو تجنّن على التاريخ وعلى نضالات الزعماء
المخلصين، كل من موقعه، ولو اختلفت رؤاهم، فقد كان يجمعهم حبّهم لتونس...
وقد تبلى المناسبات، ونفقد بريقها لمرور الزّمن ولكن
مكانه عيد الاستقلال لا ينالها الصدأ... ولكن مع الأسف لاحظنا أن بعض الأجيال
الجديدة، لا تعطي هذا العيد مكانته من الأهمّية الّتي يستحقّها، محاولين استبدادهم
بتواريخ وأعياد أخرى قريبة منهم ومن ذاكرتهم.
إنّ أكبر خطأ يرتكبه الساسة الجدد هو محاولتهم بشتّى
الوسائل القفز على حلقات التاريخ ومحاولتهم التنقيص من قيمة عيد الاستقلال الرّمزية
والسياسة، ومحاولة تقديم صورة الزّعيم الحبيب بورقيبة في صورة الزّعيم الأناني
المتعطّش للسلطة والّذي لا يهمّه من أمر البلاد إلاّ أن يكون رئيسا، مثلما حاول
البعض أن يلصق به هذه التهمة في عيد الجلاء... هذا غير صحيح... وتجنّن على الحقيقة
والتاريخ رغم أن معركة الجلاء كانت فيها أخطاء كثيرة.
إن من واجب الحكّام الجدد أن يعطوا لعيد الاستقلال
مكانته الكبرى. و أن يكون مناسبة لتوحيد التونسيين ونسيان الأحقاد.
إن الشعوب الّتي
تقفز على حلقات تأريخها وتحاول صيغ تواريخ جديدة سرعان ما تغتسل لأن ذاكرة الشعوب
لا تسمح بتزوير التاريخ أو محاولة النّيل من قيمة أعياده الوطنية البارزة، فما
بالك إذا كان الأمر يتعلّق بعيد الاستقلال... الّذي كان وسيبقى سيّد الأعياد في
تونس.
محمود الحرشـــــــــاني
*كاتب ومحلّل سياسي من تونس.
إرسال تعليق