هواء طلق //هل ضيع الساسة فرصة ثمينة لبناء تونس الجديدة بعد افشال مبادرة الجبالي



هواء طلق

هل ضيع الساسة فرصة ثمينة لبناء  تونس الجديدة بعد افشال مبادرة الجبالي


بقلم
محمود حرشاني
‏‎Mahmoud Horchani‎‏
المدير ورئيس التحرير

اقر السيد حمادي الجبالي الذي استقال مساء اليوم الثلاثاء من منصبه كرئيس للحكومة  . اقر بفشل مبادرته تكوين حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة بعد ان اصطدمت  هذه المبادرة باعتراض حزبي النهضة والمؤتمر من اجل الجمهورية خصوصا . رغم الاجماع الذي حصل حولها من بقية الاحزاب باستثناء الجبهة الشعبية التي عارض الناطق الرسمي باسمها حمة الهمامي المبادرة ودعا الى تكوين حكومة ازمة لاخراج البلاد من الازمة التي تردت فيها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .
وقد كان الكثير من التونسيين وانا منهم يعلقون امالا كبيرة على مبادرة السيد حمادي الجبالي ويرون فيها الحل المناسب للخروج من عنق الزجاجة. ومن هنا جاءت المساندة شبه الواسعة للمبادرة وصاحبها. وقرا الكثيرون الصدق في اخلاص الرجل لمبادرته وتقديره للوضع الصعب الذي تمر به البلاد والذي يتطلب ضرورة حكومة كفاءات غير متحزبه تستطيع ان تقوم بعملها بعيد عن تاثير الصفة الحزبية او السياسية للوزير.
الا ان هذه المبادرة اصطدمت منذ البداية برفض حزبي النهضة والمؤتمر وهو ما جعل المشاورات بشان تجسيمها تتعثر رغم توسيع دائرة المشاورات لتشمل اغلب الاحزاب السياسية على الساحة بما في ذلك حزب نداء تونس الذي كانت حركة النهضة ترفض الجلوس معه على نفس الطاولة .
وتوسم الجميع الخير في المساعي الرامية الى التوصل الى اتفاق جماعي حول تكوين حكومة كفاءات وطنية .
وكان بامكان المبادرة لو نجحت ان تجنب البلاد تاثيرات الازمة الخانقة التي تردت فيها وتنتقل بها من طور الى طور جديد ومن مرحلة شديدة القتامة والاحتقان السياسي الى مرحلة تزرع الامل في نفوس التونسيين سمتها الانفتاح والتسامح والاتفاق على مصلحة الوطن الكبرى .والوطن فوق الاحزاب وفوق مصالح الافراد.خصوصا وان المبادرة جاءت بعد حدث هز البلاد وكان بحجم الزلزال وهو حادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد.
لا اريد ان اصدق ما ذهب اليه عدد من المحللين من ان الاعلان عن المبادرة كان مجرد سيناريو محبوك  ومدروس لامتصاص غضب الناس بعد حادثة اغتيال الشهيد شكري بلعيد والاشارة باصابع الاتهام الى حركة النهضة وحتى الى زعيمها بشكل مباشر بالضلوع في حادثة الاغتيال . لان هذا الامر يحتاج الى تدقيق ولكن الثابت ان النهضة شعرت بالعزلة بعد حادثة الاغتيال وهو ما اشارت اليه بوضوح احدى الصحف الامريكية الكبرى مؤخرا. فكان لا بد من اختلاق هذا السيناريو وجاءت المبادرة من رئيس الحكومة الذي هو في نفس الوقت الامين العام لحركة النهضة وكانها انقاذ لحركة النهضة بعد تهري شعبيتها لدى الشارع العريض.
لا اريد ان اصدق شخصيا هذا السيناريو الخطير والرهيب في نفس الوقت وساظل على رايي الذي ابديته في مقالات سابقة من ان مبادرة السيد حمادي الجبالي كان لو كتب لها النجاح والذهاب بها الى الاخر ان تشكل اداة للعبور بتونس الى وضع افضل 
وكان على الجميع وفي المقدمة احزاب الترويكا ان يدركوا حساسية المرحلة التي تتطلب التحلي بالتواضع حتى ولو كان صاحب الكتلة الاكبر في المجلس التاسيسي
واعتقد مخلصا ان احد اسباب الازمة التي نعيشها فضلا عن تعقيدات النظام البرلماني الذي تم اختياره  هو ما اشار اليه الوزير سمير ديلو ذات مرة وهو عدم تحلي الفريق الفائز بالتواضع وعدم تحلي المعارضة بالمسؤولية فلا الفائز يعتقد ان فوزه يسمح له بالتعالي ومحق كل مبادرة فيها خير للوطن ولا المعارضة يجب ان ترى كل الاشياء  بمنظار اسود. وانا هنا لا اقيم مردود الحكومة فهناك اجماع على فشلها على جميع المستويات ولولا فشلها ما وصلنا الى هذه الازمة الخانقة حيث يكاد ينهار كل شئي  ونحن على وشك ضياع الدولة نفسها
ان بلادنا اليوم في حاجة الى تحلي الكثير من السياسيين بالتواضع ومراجعة النفس فمن منحك الشرعية اليوم يمكن ان يتراجع غدا وهو امر مؤكد في المسالة الديمقراطية. 
ويضعنا فشل مبادرة السيد حمادي الجبالي وتقديم استقالته اليوم من منصبه امام عدة تساؤلات 
اولها اي مستقبل للترويكا اليوم خصوصا بعد تفتت حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وتوالي استقالات اعضائه واخرها استقالة امينه العام  وهو اليوم حزب يعيش حالة انفجار من الداخل
وثاني الاسئلة اي مستقبل للسيد حمادي الجبالي وقد اكد مرة اخرى انه في مستوى تعهداته بتقديم استقالته بعد فشل مبادرته
.............................
كاتب ومحلل سياسي
رئيس تحرير جريدة قمر نيوز

comments

أحدث أقدم