من مقعد رئيس التحرير

لحظة حرية

التحوير الوزاري المرتقب في تونس بين التجاذبات وهيمنة النهضة وتونس تختنق

بقلم
محمود حرشاني


‏‎Mahmoud Horchani‎‏

لا يحتاج الانسان الى كثير من الفهم السياسي  لكي يدرك  ان مسالة التحوير الوزاري المرتقب في تونس  تخضع الى الكثير من التجاذبات السياسية  وخصوصا من احزاب الترويكا الحاكمة  وهي حزب حركة النهضة صاحب الاغلبية وحزب  التكتل  وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية..... وفي كل مرة يثار فيها موضوع التحوير الوزاري  تقفز مسالة المصالح الى السطح  .وخصوصا في ما يتصل بالهيمنة او الاستحواذ على وزارات السيادة   وهي الوزارات التي تهيمن عليها الان حركة النهضة وخصوصا الداخلية والعدل والخارجية   .. اما وزارة الدفاع  فعلى راسها وزير مستقل لايتبع  اي حزب.... ويبدو ان حزب المؤتمر من اجل الجمهورية وهو  حزب الرئيس المرزوقي يريد هذه المرة حقيبة الخارجية  ويعتبرذلك شرطا اساسيا للمشاركة في الحكومة  في حين ترفض حركة النهضة التنازل عن هذه الحقيبة التي يوجد على راسها الان صهر الشيخ راشد الغنوشي رفيق عبد السلام... رغم ان هذا الوزير كان خلال الاسبوعين الماضيين محل انتفادات لاذعة من قبل وسائل الاعلام  وحتى عديد الاحزاب على خلفية القضية التي فجرتها المدونة الفة الرياحي واتهمت فيها الوزير بتبديد المال العام والاقامة في نزل فاخر على حساب الوزارة ولو ليال محدودة  .. وتدعمت المسالة بقضية المليون دينار الهبة الصينية التي حولت الى وزارة الخارجية وتم ايداعها بحساب خاص مفتوح في احد البنوك باسم الوزارة
دون المرور بالخزينة العامة للدوله ... وتوجد الان قضايا مرفوعة في المحاكم من قبل محامين ومن قبل المدونة تطالب بتتبع الوزير في حين برأ الوزير ساحته ورفع بدوره قضية لدى المحكمة عن طريق محاميه لتتبع  المدونة الفة الرياحي... واعتقد الكثيرون ان هذه القضية ستؤثر على بقاء الوزير في منصبه من عدمه.. وصدرت دعوات تطالبه بالاستقاله ...هذا الى جانب ان عديد الاحزاب لا تنظر بعين الرضا الى مردود الديبلوماسية التونسية حاليا ...ووصل الامر بعبد الوهاب الهاني مؤسس حزب المجد الوسطيالى حد  وصف  اداء الوزير بالهزيل . والتسرع في التصريحات واتخاذ المواقف الارتجالية ثم التراجع فيها.  وطاله بالاستقالة  وجرت مشاورات بين عديد الاحزاب والنهضة في الاونة الاخيرة في سعي من النهضةلتوسيع الائتلاف ولو ادى بها الامر الى التضحيه باحدى حقائب وزارات السيادة  .. وتردد انها عرضت حقيبة الخارجية على احمد نجيب الشابي وهو احد الوجوه السياسية البارزة في تونس ورئيس الهئية السياسية للحزب الجمهوري الا ان نجيب الشابي اعتذر عن قبول الحقيبة واشترط ان يكون التحوير الحكومي تحويرا شاملا وليس مجرد حلول ترقيعية للخروج من الازمة..... ويعاب على الحكومة ان ليس لها برنامج واضح يشجع الاحزاب على الدخول حني لا يكون دخولها اليوم مجرد عملية انقاذ للنهضة وحليفيها بعد فشل تجربة الحكم لمدة سنة. ...اما بقية احزاب المعارضة فقد تعالت اصواتها منادية بتحييد وزارات السيادة ومنحها لاناس مستقلين ليس لهم اي انتماء حزبي او سياسي..  وصدر هذا الموقف خاصة عن حزب نداء تونس وهو الحزب القوي الان بعد النهضة وكذلك الجبهة الديمقراطية التي تجمع احزاب اليسار . وتبدى هذه الاحزاب تخوفات من بقاء  وزارات السيادة بايدي النهضة الا ان النهضة جددت رفضها للتنازل عن الحقائب السيادية وهو ما دعا عديد الاحزاب التي تم الاتصال بها الى ان تبدي عدم حماسها للمشاركة في الحكومة .... وتم الاعلان عن عديد المواعيد للاعلان  عن هذا التحوير واخرها كان 14 جانفي بمناسبة الذكرى الثانية للثورة وتم الاعلان عن الموعد من قبل الشيخ راشد الغنوشي الا ان الموعد مر ولم يقع التوصل الى اتفاق حوله .. وفي كل مرة يصدم التحوير المرتقب بعراقيل جديدة امام عدم تنازل الاحزاب المكونة للترويكا عن طلباتها. ودخل حزب التكتل الذي يراسه مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التاسيسي على الخط ليتفاجا الراي العام بخروج عدد من اعضاء الحكومة المنتمين الى هذا الحزب يوم الخميس الى وسائل الاعلام والاعلان عن قرارهم الانسحاب من الحكومة في  ما يشبه الخروج الجماعي ومحاولة خلق ازمة  حكومية وانتظر الراي العام التنفيذ ولكن مازال لم يحصل في الموضوع اي جديد الى اليوم ...رغم ان الناطق الرسمي باسم الحزب محمد بالنور لم يستبعد الانسحاب الجماعي لمجموعة التكتل من الحكومة  من وزراء وكتاب دوله.... وفي هذه الاثناء اعلن حزب العمال عن اعتذاره لقبول حقية الوظيفة العمومية والاصلاح الاداري التي عرضها عليه رئيس الحكومة كما اعلن المكتب السياسي لحزب وفاء عن رفضه للمشاركة في الحكومة لعدم توفر الظروف المناسبة حسب رايه لتنفيذ برنامج الحزب حاصة في ما يتصل بالاصلاح والمحاسبة.
. وامام هذا الوضع عيل صبر رئيس الحكومة  حمادي الجبالي ولوح بالقاء خطاب الى الشعب يقول فيه الحقيقة وذلك في الخطاب الذي القاه في المؤتمر الخامس عشر لاتحاد الصناعة والتجارة يوم امس الخميس  17 جانفي.
. لقد تحول موضوع التحوير الوزاري في تونس الى مسلسل تركي كل يوم فيه حلقة جديدة وتشويق جديد.ويرى الكثير من المحللين  ان رئيس الحكومة الحالي محمد الجبالي يصدم بعدة صعوبات تعيقه عن اداء مهامه على الوجه الافضل وفي حديث لاحدى القنوات التلفزية التونسية قال  عبد الوهاب الهاني  الامين العام لحزب المجد ان ما تسرب من اخبار يدعو الى عدم السكوت متهما الحكومة بتوظيف مستشارين  برتب وزراءلدى   رئيس الحكومة  وعددهم كثير لا يؤدون اي عمل للدولة  ويمكن الاستغناء عنهم بسهوله .. كما ان رئيس الحكومة لا يستطيع ان يعمل في كنف الراحة امام تواجد هذا العدد الكبير من المستشارين وبعضهم مدعوم من جهات اخرى قريبة من الاحزاب الحاكمة......
. لقد تحول موضوع التحوير الوزاري في تونس الى لعبة شد وجذب  .. والى فضيحة دولة  كما قال عمر صحابو الوجه السياسي المعروف ومدير جريدة المغرب المستقلة  ...وخصوصا  ان ووضع البلاد الاقتصادي والاجتماعي يزداد سوءا والوضع السياسي يزداد احتقانا وهو ما يجعل من التحوير الحكومي اولويه مطلقة اليوم وتكوين حكومة بعدد محدود من الوزراء وتكون ناجعة وقوية وفعالة ومسنودة من كل الاحزاب السياسية لاخراج البلاد من ازمتها الخانقة
.........................
كاتب ومعلق سياسي
مدير ورئيس تحرير جريدة قمر نيوز الالكترونية وراديو قمر نيوز على الانترنات;:

comments

أحدث أقدم